الحرب أمر فظيع على الجميع، حيث قتْل البشر وإهْلاك الحرث والمقدرات ونشر الرعب في صفوف المدنيين الآمنين. يقولون إن العسكريين هم أكثر الناس كرهاً للحرب!! لكنهم من الناحية العملية هم الذين يقودون المعارك ويحركون الأساطيل ويقذفون القنابل ويطلقون الصواريخ عبر سياسيين مراهقين لا يتقنون الحساب الدقيق.
هذه المنطقة لم تذق طعم الاستقرار فهي مركز الحضارات والديانات تصارع أهلها فيما بينهم، وتصارعوا مع غزاتهم، وتصارع الآخرون على أرضها، ولا تزال هي المرشحة للصراعات القادمة. زرعوا إسرائيل فيها كي تبقى منطقة متوترة فلا يأمن الإسرائيلي ولا يقدم الأمان لغيره!! وذاك المستعمر يدير الصراع عن بُعْد، فالدماء تسلية مثل لعبة (بليه سشيشن ). المشكلة أننا ندرك المخطط ونلعنه لكننا نشارك فيه بل ننفذه!.
الإسرائيليون متيقنون أنهم لن يستقروا أبداً ما دام الفلسطيني لم يأخذ حقه في حده الأدنى أعني حدود الرابع من حزيران 1967م، وهو ما تم ترويض الأمة بأكملها حتى صار أمراً مقبولاً عند الجميع. فهل الاستعدادت العسكرية الجارية على قدم وساق حالياً ستحمي المدنيين وهم في المرمى العسكري من الشمال والجنوب ؟!.
والمطالبون بتحرير كامل التراب الفلسطيني يعلمون أن هذا غير مقبول من الدول الكبرى بما فيها روسيا والصين واليابان وألمانيا ناهيك عن أمريكا وإنجلترا وفرنسا.
وأن استخدام القوة لم يعد ممكناً في ظل انعدام التوازن بشكل واضح للعيان، وأن المقاومة المسلحة تُوقع في الجانب العربي أكثر مما توقع في الآخرين ( المثال في غزة وجنوب لبنان )، ولم يعد ممكناً سوى المقاومة السلمية أو السلبية أي التظاهر والاعتصام والحرب الإعلامية والإلكترونية والعلمية والبحثية والخطابات في المحافل الدولية والإقليمية.
وإيران تدرك أنها لو امتلكت سلاحاً نووياً فهي مغامرة باستخدامه وقد يعرضها لحرب عسكرية معروفة النتائج لأن الخصم يمتلك من القوة ما لا تملكه إيران، والحروب القريبة التي وقعت كانت النتيجة خسائر بسيطة في الخصم بينما دُمر العراق. فهل نسيت إيران حربها مع العراق فما بالك في حرب مع إسرائيل وأمريكا؟ هل تراهن إيران على جيبها في جنوب لبنان ؟! هل ستنفع خطابات أحمدي نجاد التهديدية ؟! وهل استعراض نصرالله يسمن ويغني من جوع ؟!. هل تهديد سكان المنطقة يدل على سياسة صحيحة ؟! في زحمة الحرب الإعلامية لإير ان مع أمريكا تنسى إيران جيرانها الحريصين على أمن المنطقة واستقرارها وهل تحرك القوارب العسكرية إلى المتوسط نزهة شتوية مفيدة أم أنها ستتسبب بمرض خطير قد يسقط الجثة هامدة على الأرض ؟!.
الاستعراض ليس هذا وقته وبخاصة أنه يأتي في ظل الدم السوري القاني الذي لم يتوقف منذ عام يسيل صباح مساء، إلا إذا كانت إيران لم تعد تبالي برأي الشعوب في زمن الربيع العربي ؟!.
ونحن في وسط الأحداث ففلسطين في الغرب، وإيران في الشرق ومحبوها في العراق يحكمون، وسوريا تشتعل شمالاً، وإخواننا في الخليج عليهم من المخاطر ما يعلمه كل مر اقب وليس الأمر محصوراً في البحرين. هذا كله يتطلب منا في الأردن الوعي ورص الصفوف وعدم السماح لأي عابث تحت عباءة الديموقراطية والحرية والتعبير ان يعبث في مقدرات الوطن أمناً واقتصاداً او مكونات اجتماعية حتى صار كل شاتم أو موتور يوزع بضاعته عبر المواقع ووصلنا إلى مرحلة التهديد للوطن ممن يطيش على شبر ماء من مراهقي الأحزاب والباحثين عن مادة إعلامية يحضرونها للانتخابات القادمة.
من حقك أن تعبر وأن تطالب ولكن من حق الوطن عليك أن تتحلى بالوعي السياسي حتى لا تكون جزءاً من مخططات الآخرين، فانظر للأمور بشمولية وكلية وإطار عام فعميان السياسة هم الذين أوقعوا الأمة في مصائبها.