احمد حسن الزعبي – الراي
شاع في البادية ذات زمان،، أن «سلعوّة/غولة» تطوف في المراعي القريبة ليلاً،تأكل الأطفال وتخنق الحريم وتقصم أوساط الرجال وتسطو على الشياه في مراحها، ولأن هذه «الغولة» تتميز بالمباغتة و الخبث والمكر بحيث لا يمكن تمييزها عن بني البشر الا بكثافة الشعر الذي يغطي جسمها وعظام فكيها البارزين..فقد قرر أهل تلك القبيلة، ان يحزموا أمتعتهم على ظهور دوابهم قبل الفجر ويشدوا الرحال الى مكان آمن ناسين أو متناسين خلفهم رجلين من ضعاف القوم أحدهما أعمى والآخر مشلول…
في الصباح الباكر أنكر الأعمى هدوء الحي حوله واختفاء أصوات نقر الحوافر وأجراس الأغنام..وأما المشلول فنظر يميناً ويساراً فلم ير سوى ذاك الرجل الأعمى يجلس في «خربوشه»القريب..فعرف ان قومهم تركوهما ومضوا، لذا سيكونان لقمة سائغة بفم «الغولة» أو وحوش الصحراء الضارية لا محالة…فنادى المشلول على الأعمى ان اقترب..جاء الآخر مهتدياً بصوت شريكه في الوحدة، يمشي تارة ويسقط تارة أخرى، يتحسس استقامة الدرب بعثراته..وعندما وصل الأخير، قال العاجز للأعمى: اسمع يا رفيق، يبدو أن قومنا – سامحهم الله-، شدوا الرحال وتركونا..والآن لم يبق لنا الا الله ثم بعضنا بعضا..انا مشلول وأنت أعمى..فما رأيك أن تسلفني قدميك وأسلّفك بصري…قال الأعمى: كيف؟؟ قال : تحملني على كتفك وأنا أهديك الى الطريق..حتى ننجو بأرواحنا من «الغولة» وذئاب النهار والليل..فاتفقا وقطعا وحشة الفيافي متحملين بعضهم بعضا حتى وصلا الى مضارب واسعة حمتهم وحملتهم حتى آخر العمر..
***
الأردنيون هذه الأيام قسمان: قسم (يرى المستقبل) لكن (عاجز) عن التغيير، والقسم الثاني قادر) على التغيير لكنه لا يرى المستقبل..وعليه ان لم يحمل القادر البصير، وان لم يهد البصير الطريق للقادر..ستأكلنا «غولة الفتنة» لا محالة..
ايها الأردنيون احملوا بعضكم بعضاَ بسرعة..فقومنا شدوا الرحال وتركونا وحيدين في صحراء الأحداث وضواري التوقيت من زمان.