محمد بدارين /
يردنا مصطفى الرواشدة الى زمن الشوارب ردا ، ويصعق فينا العصب السابع صعقا ، فيعيدنا الى، الحصة الاولى ودهشة الصف الاول ، نحن الذين بعنا الشوارب واللحى في كل دكان كما قال حيدر محمود وهو يعلن انذار نيسان من اربد! يديننا هذا القائد الاردني الحقيقي غير المنتخب وغير المعين بقوة شرعيته والتفاف المعلمين من حوله ، وهو يملأ الشاشات بملامحه وملابسه ورموز هيئته المملوءة ،بالدلالات والفوارة بالمعاني المنطلقة بصورة رد فعلي على الفاظ، وزير المرحلة المنحلة الذي تعرى في الهزيع الاخير من الليل الاردني المنسحب كاشفا عن عورة المتبقي من المنطق الاستعلائي الليلي البغيض المتغلغل في فراغات النخب.
انهم المعلمون ، جيش مصطفوي اخر كجيشنا يرفعون الصوت في عز اللحظة الخرساء ايذانا ببدء مرحلة النطق وحق الكلمة، فيهوي الوزير ثم تهوي الحكومة المستنسخة من بقايا عصر الانتداب ، ويتدفق النهر الاردني العظيم جارفا في طريقه كل العوالق وكل العلق وباقي ما تبقى من سخافات المرحلة.
،فلا قضية للمعلمين في الاردن ولا قضية للمتقاعدين ولا ازمة سير ، بل هناك ازمة واحدة هي الازمة الاردنية وقضية واحدة هي القضية الاردنية ، فكل هذه الملفات مدار البحث هي بعض جروح وخلاصات الم، فقد تمادى عراة القطاعين على الشعب الكريم وانتهى الصبر وسال عذاب السنين . فلا حل الا في الحصة الاولى حيث الابجديات والاساسيات وحيث الفواصل ، ولا حل الا بالغاء الخلط المتعمد بين شكل الصواب وشكل الخطأ ، ومنع كل اشكال الاختلاط، بين صنف الحقيقة وصنوف الكذب ، ووقف النزيف ، وتنظيف البلاد من بقايا اوهام ومشاريع دجل.
،انها ازمة لا تتجزأ ، ولا تنحل بالتجزئة ، وكل من يبحث في الاعراض يتحاشى السبب ، ويعطي مهلة اخرى لتجريب نوع جديد من مشتقات الوهم وحلول الترضية ووقف الحراك بالتسكين وتدوير المرحلة ، وهذا رهان بعض فلول من قادوا البلاد الى شفا الوهم ثم رموها على نار الحقيقة ، ومضى الوقت الذهبي كحريق ناعم حتى اشتعلت الاشياء وتبعثرنا نهارا بين الفريق المحافظ و بين الفريق الجديد ، وفي الليل كنا نتوحد من شدة الضحك على انعدام الفروق بين فساد الفريقين بشكل منظم.
،اشارة واحدة تكفي لفهم الازمة لو كنا نحب، فقد علمنا المعلمون ان الاشارات موحدة في جميع اللغات ، وبوسع الحكومة الان ان تتصارح مع كل المعلمين وكل الناس بقليل من اشارات الحصة الاولى وتشطب من دفاترها صفحات الخداع ، كي تعود المدارس غدا ويعود الاردن الى مواعيد الصبح والاجراس ونشيد العلم .
،ملف للمعلمين وملف للمتقاعدين وملف للمتخصخصين وملف للهاربين وملف للشاطرين ، ويضيع الرئيس بين الملفات ، وهذا الحراك يكاد ان يقضي حاجته فوق كل الملفات ويمضي نحو اللاطريق ، وبعض الحكومة لا يزال يشرح ،على بعضها ذلك الجانب الغامض الذي لا يكاد يرى كفرق بين نوع الامن الناعم وانوع الغسيل ، فيما ليل الازمة يتنوع والليل مملوء بالحائفين وبالحانثين وفيه كل الغموض ، وحاجة الاردن الان ماسة جدا بكل وضوح للوضوح!
،عشرون عاما منذ نيسان واكثر والحكومات تتلهى وتتبدل وتتعدل والازمة تشتد ولم تتبدل ولم تتعدل ، والفساد فوق الحق يعلو وفوق العقاب ، والهدهد الذي كان باليقين ،يجيء استبق الاحداث ومضى نحو الغياب ، فصار الجمع حلالا بين الحرام وبين الحلال بدعوى الشراكة وفق ادبيات العولمة وفلسفة القرويين الجدد في قرية الكون الذي لن يكون قرية الا في عقول الضائعين ، فيما التلفزيون الوطني يشارك في تحريف الكلام وخلط الصور.
،لا تحاولوا ايها المحاولون او المتحايلون فلا بديل ولا حل لاهل القريتين ولا للمعلمين ولا للمتقاعدين ولا لحوادث السير ولا للهوشات التي تحبون تسميتها لاغراض التلطيف عنفا مجتمعيا ، الا ان يعود الجميع غدا الى الحصة الاولى عند مصطفى كي نستعيد وعينا ونحفظ الحروف الابجدية من جديد ، فازمتنا في حقيقتها ازمة ابجديات او بديهيات او اساسيات او اصول قيل لنا ،عبر منشور غير سري انها انتهت وان شكل مصطفى لا يتواءم مع روح العصر او مزاج البرامكة الجدد ، وتحت ضغط الالوان وفلسفة السوق صدق الاردن الحزين بأن التاريخ انتهى وان للصفر لغة حتى لو كان على يسار الرقم!!