ماذا سيحدث بعد أن ينتخب المصريون رئيسهم القادم، ويتسلم سلطاته، ويعود المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى عمله الأصلى فى حماية البلاد من الأعداء؟
أغلب الظن، وليس بعض الظن إثما، أننا سنعود من جديد إلى ميدان التحرير، ونرى البعض يدعو إلى مليونيات جديدة شعارها “يسقط يسقط الرئيس”، أو نعود للشعار الذى ظهر يوم 28 يناير 2011 : الشعب يريد إسقاط الرئيس.
أردنا حل مجلسى الشعب والشورى وإجراء انتخابات جديدة، ينزل فيها الشعب إلى صناديق الاقتراع، ويختار نوابه بمنتهى الحرية والشفافية، ولما انتخبنا البرلمان، ذهب بعض المتظاهرين لحصار مجلس الشعب واقتحامه، ورفع آخرون شعار يسقط حكم العسكر والإخوان، ويسقط مرشد الإخوان، لا لشىء سوى أن الإخوان حازوا الأكثرية النيابية، وهو أمر لم يرض الثوار والليبراليين وأنا منهم، لكن الكثير منا لم يلتزم بقرار الشعب، وبنتائج الديمقراطية، حتى ولم تأت على هوانا.
الديمقراطية بمعناها البسيط حكم الأغلبية، ومراعاة حقوق الأقلية، سواء كانت سياسية أو دينية أو عرقية، أو أى أقلية كانت، كما أنها تعنى بالضرورة أن تحترم الأقلية نتائج الانتخابات، وتتحول إلى مقاعد المعارضة، وتعيد النظر بموضوعية فى أسباب هزيمتها، وتستعد لمعركة انتخابية قادمة، لكن هذا لم يحدث وشنت الأقلية هجمة شرسة على الأغلبية عنوانها عدم الاعتراف بشرعيتها، والهدف هو إسقاطها.
وقد نجد عذرا للكثير من الشباب المحبط الذى يرى أنه فجر الثورة، ثم جاءت الانتخابات باليمين الدينى لمقاعد البرلمان، ومن ثم تشكيل حكومة قادمة، بينما الشباب لم يمثل تمثيلا كبيرا وعادلا من وجهة نظرهم فى البرلمان المنتخب.
وفى اعتقادى المتواضع أن هذا الشعور بالإخفاق سيظل ملازما للشباب، لأن لا أحد من القوى والأحزاب السياسية المدنية التى خسرت انتخابات مجلس الشعب يريد الاعتراف بخسارته، ومن ثم العودة إلى الشارع ومحاولة اجتذاب الشباب إلى أطر حزبية أو منظمات وجماعات أهلية تتحول إلى جماعات ضغط تراقب الأداء الحكومى والبرلمانى، وتضغط عبر القنوات الشرعية لانتزاع ما تريد من مطالب.
ولأننا لم نستوعب الشباب الثائر والغاضب، بحكم السن، وقلة الخبرة السياسية، فسيظل هذا الشباب ثائرا ورافضا وغاضبا، ويتحرك فى الشوارع والميادين لانتزاع ما يره حقا بيده، وهنا مكمن الخطورة، حيث تظل الدولة فى حالة تداعٍ ووهن، ولن تستطيع المؤسسات الديمقراطية الناشئة القيام بمهامها.. فى الوقت عينه ستظل طاقات الغضب الشبابية متفجرة وغير منظمة، لذلك ليس لدى شك فى أننا على موعد بعد الانتخابات الرئاسية مع مظاهرات تهدف بسقوط الرئيس القادم.. فلا أحد فى مصر يعترف بأخطائه، ولا أحد يريد إصلاحا حقيقيا.. ولا توجد يد واحدة تمتد للتفاهم والتحاور مع الشباب الغاضب واليائس والمحبط، والذى يرى أن ثورته لم تنجز شيئا بعد.