غريب.. كيف اختفت ليبيا عن أضواء الحدث؟! خرج الأطلسيون الذين كانوا يقصفون كل يوم، وخرج المراسلون الذين كانوا يرسلون كل ساعة، وخرجت ليبيا من دائرة الضوء. لم يبق أحد لكي يخبرنا ماذا حدث بعد نجاح الثورة ونهاية القذافي. ما هو نوع الدولة التي تستعاد، وما هي طبيعة الحكم الذي يقام، وما هي الطرق التي يؤهل فيها الشعب من جديد لاستعادة علاقته الطبيعية بالحياة والقوانين والعادات وغيرها.
المؤسف أن الأخبار الوحيدة التي لا تزال تنقل من ليبيا، أو التي لا يزال هناك من ينقلها، هي أخبار الموت تحت التعذيب والسجون الملأى بنحو عشرة آلاف معتقل من رجال الأخ قائد الفاتح، وانتشار الثوار فرقا وأفرقاء في المدن، وغياب جميع أشكال القانون، إلا ما تراحم به الناس في ما بينهم.
هل من أجل هذا قامت الثورة؟ أو من أجل هذا ابتهج الليبيون بانتهاء أربعة عقود من الطغيان والتعسف والجلوزة والبلطجة والتهريج الدموي؟ ألم تكن المسألة الكبرى في شعارات الثورة، ما ارتكبه معمر القذافي في سجن أبو سليم، على وزن أبو غريب، على وزن كل السجون المقابر في الديار الثورية؟
كانت الأنظمة العسكرية تخاف من جيوشها العائدة من الحروب، لأنه سوف يغريها التفكير في القفز على السلطة. هذا ما يحدث في فوضى ليبيا التي تركها معمر أبو منيار القذافي وأولاده، بلا مؤسسة عسكرية أو أمنية أو قضائية مثل سائر الأمم. ترك مجموعة لجان مضحكة ومؤلمة ومؤذية ومدمرة، هي «حكم الشعب»، فما إن رفع الشعب رأسه أخيرا حتى تفرقت «كالجرذان»، كما في خطابه الشهير وعنوانه «من أنتم.. من أنتم».
يأمل العرب الذين ابتعدت عنهم ليبيا بقائدها، والتي هي بعيدة الآن بثوارها وفرقها العسكرية واعتقالاتها وأخبار التعذيب فيها – يأملون، أولا، ألا تكون ليبيا ما بعد الثورة مثل ليبيا ما قبلها. ويأملون أن تكون أخلاقيات وأدبيات الثوار غير أدبيات وأخلاقيات الساعدي وهانيبال وسيف الإسلام. آن للبلد أن يلتفت إلى نفسه وأن يعود إلى ذاته. ولهذا طريق وحيد على الجميع أن يسلكه وجسر واحد على الجميع أن يعبره: طريق القانون والألفة. أو ما سماه عبد العزيز بوتفليقة، الوئام.
ليس قليلا ما أخذه عارض الأزياء والنظريات من أعمار الليبيين. وليس قليلا النوم الذي حرمته اللجان لأبناء ليبيا. لكن الاستمرار في الثأر والانتقام ليس الطريق البديل. وربما كان على رئيس المجلس الانتقالي أن يحتفظ أيضا بوزارة العدل، لكي يتأكد من أن العدل اليوم أفضل منه في العقود البائدة.
المؤسف أن الأخبار الوحيدة التي لا تزال تنقل من ليبيا، أو التي لا يزال هناك من ينقلها، هي أخبار الموت تحت التعذيب والسجون الملأى بنحو عشرة آلاف معتقل من رجال الأخ قائد الفاتح، وانتشار الثوار فرقا وأفرقاء في المدن، وغياب جميع أشكال القانون، إلا ما تراحم به الناس في ما بينهم.
هل من أجل هذا قامت الثورة؟ أو من أجل هذا ابتهج الليبيون بانتهاء أربعة عقود من الطغيان والتعسف والجلوزة والبلطجة والتهريج الدموي؟ ألم تكن المسألة الكبرى في شعارات الثورة، ما ارتكبه معمر القذافي في سجن أبو سليم، على وزن أبو غريب، على وزن كل السجون المقابر في الديار الثورية؟
كانت الأنظمة العسكرية تخاف من جيوشها العائدة من الحروب، لأنه سوف يغريها التفكير في القفز على السلطة. هذا ما يحدث في فوضى ليبيا التي تركها معمر أبو منيار القذافي وأولاده، بلا مؤسسة عسكرية أو أمنية أو قضائية مثل سائر الأمم. ترك مجموعة لجان مضحكة ومؤلمة ومؤذية ومدمرة، هي «حكم الشعب»، فما إن رفع الشعب رأسه أخيرا حتى تفرقت «كالجرذان»، كما في خطابه الشهير وعنوانه «من أنتم.. من أنتم».
يأمل العرب الذين ابتعدت عنهم ليبيا بقائدها، والتي هي بعيدة الآن بثوارها وفرقها العسكرية واعتقالاتها وأخبار التعذيب فيها – يأملون، أولا، ألا تكون ليبيا ما بعد الثورة مثل ليبيا ما قبلها. ويأملون أن تكون أخلاقيات وأدبيات الثوار غير أدبيات وأخلاقيات الساعدي وهانيبال وسيف الإسلام. آن للبلد أن يلتفت إلى نفسه وأن يعود إلى ذاته. ولهذا طريق وحيد على الجميع أن يسلكه وجسر واحد على الجميع أن يعبره: طريق القانون والألفة. أو ما سماه عبد العزيز بوتفليقة، الوئام.
ليس قليلا ما أخذه عارض الأزياء والنظريات من أعمار الليبيين. وليس قليلا النوم الذي حرمته اللجان لأبناء ليبيا. لكن الاستمرار في الثأر والانتقام ليس الطريق البديل. وربما كان على رئيس المجلس الانتقالي أن يحتفظ أيضا بوزارة العدل، لكي يتأكد من أن العدل اليوم أفضل منه في العقود البائدة.