على مدى حوالي ثلاث ساعات, أمضينا مع المعلمين يوم أمس على الدوار الرابع زمناً استثنائياً, إنه التجمع الأكبر الذي يشهده هذا المكان الشهير المقابل لرئاسة الوزراء, ولكنه أيضاً كان التجمع الأبرز والأميز من حيث محتواه.
لقد شارك في الاعتصام ألوف المعلمين من كل أنحاء الأردن, وكالعادة في تحركات المعلمين فقد تميز تجمعهم أمس بمستوى عال أخلاقياً, وكان لقاء راقياً منتظماً متماسكاً, ربما باستثناء لحظة الختام التي لم تكن موفقة, ولم يتبين السبب وراء ذلك.
اشتمل التحرك أمس على ابداعات خاصة وهو ما أضفى عليه الكثير من الحيوية, لقد برزت مهارات المعلمين في صياغة الهتافات, وكانت أغلبها جديدة وغنية في محتواها, وكان مستوى التفاعل معها عالياً. وبتهذب وبخفة ظل قدمت بعض المجموعات فقرات ذات طابع محلي خاص, شاهدت مثلاً ما قدمته مجموعات المعلمين من العقبة والطفيلة والرمثا.
تجولت بين مجموعات المعتصمين وأجريت معهم حوارات سريعة, لقد كانت كلمة (الكرامة) الأكثر ترداداً. أكثرهم يشارك لأول مرة في تحركات احتجاجي في العاصمة. وصحيح أن عنوان تحركهم يتصل بالجانب المالي, غير أنهم في الأصل مستاؤون من طريقة تعاطي الحكومة مع قضيتهم عموماً بما فيها مسألة الدخل والرواتب.
كثيرة هي العناوين والمداخل التي يمكن التطرق إليها في تحرك الأمس, لا سيما وأنه جاء بعد أن أخذت التحركات الشعبية تميل الى الروتين بحيث استرخت أعصاب الحكم قليلاً. لكن الدرس الأهم الذي أعاد تحرك الأمس التذكير به, هو أن دولة عاقلة ينبغي عليها أن تنظر بأفق أوسع الى تحرك المعلمين, بل الى إمكانية الاستفادة منه.
إنهم الفئة الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها وتحميلها أي مشروع وطني سياسي ثقافي تربوي تنموي كبير. وقد ظهرت الوجوه النبيلة للمعلمين يوم امس مستعدة لذلك بشرط توفر عنصر “الكرامة”.
ahmadabukhalil@hotmail.com
