دعا شقيق “أبوقتادة،” أحد أبرز منظري التيار السلفي في أوروبا والعالم، والذي أفرجت عنه السلطات البريطانية بكفالة الاثنين، إلى منح شقيقه “فرصة العيش بكرامة بأي دولة،” حتى لو كان ذلك عبر السماح بعودته للأردن، بينما قال أيمن عودة وزير الدولة الأردني لشؤون رئاسة الوزراء والتشريع، إن عمّان ستحاكم الداعية بنزاهة في حال عودته.
وقال إبراهيم، شقيق عمر محمود عثمان المعروف بـ”أبوقتادة” في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية خلال اتصال هاتفي، إن عائلته “تنتظر الإفراج عنه بفارغ الصبر،” داعيا الدولة المضيفة حال الإعلان عنها بتوفير “ضمانات لعيش كريم له توفير الحماية لحياته.”
وبيّن إبراهيم، أن أبو قتادة “ما يزال يخضع لقيود عديدة على تحركاته واتصالاته مع عائلته،” مضيفاً أن عائلته المقيمة في لندن وأهله المقيمون في العاصمة الأردنية عمان، “ينتظرون خروجه بفارغ الصبر.”
وعلق إبراهيم في حديث مقتضب، واصفا أبو قتادة بأنه “ودود،” رافضا وصفه، بـ”الرجل الخطير أو الإرهابي،” بحسب ما تتناقل وسائل الإعلام.
واعتبر إبراهيم أن نبأ الإفراج عن أبو قتادة ، “دليل على براءته ،” مشيرا إلى أنه “لم تثبت عليه أي من التهم الموجهة إليه سواء أمام المحاكم البريطانية أو المحاكم الأردنية.”
وأضاف: “حتى التهم التي وجهت إلى أبوقتادة في الأردن، تم إسقاط إحداها، أما الثانية فقد اتهم فيها أبو محمد المقدسي، منظر التيار السلفي الجهادي في الأردن.. ونحن كعائلة نطمح في أن يعيش (أبوقتادة) حياة كريمة وهو رجل لديه فكر وعالم، من علماء الأمة.”
أما عن ارتباط أبو قتادة التنظيمي بأي من المنظمات الجهادية، قال إبراهيم :”العلاقة التي تجمع أبو قتادة مع الدعاة والتيارات الأخرى هي علاقة أخوّة فقط وهو يرفض أن يكون مؤطرا في إطار أي منهم، بمن في ذلك أبو محمد المقدسي، منظر التيار السلفي الجهادي في الأردن، وحتى أسامة بن لادن.”
وشدد إبراهيم على أن شقيقه “لم يستخدم أي تنظيم ولم يكن يمتنع عن انتقاد أي تيار والخلاف معه حتى الإخوان المسلمين أو غيرهم،” على حد تعبيره.
وأشار إبراهيم إلى عدم معرفة وجهة، أبو قتادة في حال ترحيله من بريطانيا، قائلا إن الأهم، أن يعيش في أي بلد بكرامة وبحرية ، وقال :” نطمح أن تؤمن له الحماية، وحتى بيوتنا جميعها مفتوحة له وأرواحنا فداء له.”
واستبعد إبراهيم من جهته أن تكون الأردن هي وجهة “أبوقتادة” المقبلة، مشيرا إلى أن عائلته توقعت في وقت سابق الإفراج عنه.
إلى ذلك، اعتبر إبراهيم أن اعتقال أبو قتادة طيلة تلك السنوات دون محاكمة، “هو انتهاك لحقوق الإنسان”، داعيا السلطات البريطانية إلى رفع كل القيود عنه .
ووصف إبراهيم أبو قتادة بالقول أيضا إنه: “رجل ودود جدا، وله أصدقاء كثر من مختلف التيارات الفكرية وكل التهم التي وجهت إليه مرفوضة جملة وتفصيلا.”
أيمن عودة يؤكد استعداد الأردن لاستقباله
من جانبه، قال أيمن عودة وزير الدولة الأردني لشؤون رئاسة الوزراء والتشريع، إن “أبوقتادة” مواطن أردني ولا يمكن لبلاده إلا أن تقبل عودته، غير أنه أشار إلى أن رجل الدين الذي غادر بلاده منذ سنوات “ملاحق بأحكام غيابية جزائية الطابع على صلة بالإرهاب، مؤكداً أن القضاء سيعيد محاكمته فور توقيفه وفق القانون.
وأضاف عودة أن صلاحية البت بقضية “أبوقتادة” في الأردن تعود لمحكمة أمن الدولة المؤلفة من قاضيين عسكريين وقاض مدني، مضيفاً أن بعد صدور الأحكام ستنظر بها محكمة التمييز التي سبق لها أن ردت بعض الأحكام في مواضيع مماثلة، وبالتالي يمكن للمتهم عرض قضيته بكل شفافية وفق القانون.
وحول إصرار “أبوقتادة” على رفض الترحيل إلى الأردن بدعوى خوفه من التعرض للتعذيب قال عودة إن الدستور الأردني وتعديلاته الجديدة يحرّم التعذيب النفسي والجسدي أو حتى التهديد بالتعذيب تحت طائلة بطلان الاعترافات التي تؤخذ بهذه الطريقة.
ودعا عودة “أبوقتادة” إلى تسليم نفسه للسلطات الأردنية، مضيفاً أن الأردن لم يصدر عنه أي إشارة تدل على أنه يرفض استقباله، بل على العكس، أكد استعداده لإعادة مواطنه وضمان محاكمة عادلة له.
يشار إلى أن وزير الداخلية البريطاني، جيمس بروكنشاير، يعتزم زيارة الأردن لبحث ملف “أبوقتادة” والسعي لإيجاد صيغة تضمن ترحيله من بريطانيا إلى وطنه الأصلي، بعدما قام القضاء بتطبيق قرار الإفراج عنه بكفالة الاثنين.
وكانت محكمة بريطانية قد قررت إطلاق سراح “أبو قتادة” بكفالة، في السابع من فبراير/شباط الجاري، رغم اتهامه ببناء علاقات مع تنظيم القاعدة، وذلك بعد سنوات أمضاها وهو يقاوم محاولات ترحيله إلى بلده الأصلي الأردن، متذرعاً بإمكانية تعرضه للاعتقال والتعذيب.
وسبق للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد أصدرت منتصف يناير/كانون الثاني الماضي قراراً يمنع السلطات البريطانية من ترحيل “أبو قتادة،” بسبب ما وصفتها المحكمة بـ”أدلة” على إمكانية إخضاعه للتعذيب.
وكان “أبوقتادة” قد دخل بريطانيا بجواز سفر إماراتي مزور عام 1993، وطلب اللجوء مع زوجته وأولاده الثلاثة، وقد قبلته الحكومة البريطانية كلاجئ سياسي ومنحته حق البقاء حتى عام 1998، وهي ذات السنة التي صدرت ضده خلالها، أحكام غيابية بالسجن مدى الحياة، بعد إدانته بالضلوع في عدة تفجيرات وقعت بالمملكة الأردنية.
ومنذ توقيفه لأول مرة بتهمة “الإرهاب”، قبل نحو عشر سنوات، خاض أبو قتادة، عدة معارك قانونية للبقاء في بريطانيا، وعدم ترحيله إلى الأردن، كما أصر على نفي صحة الاتهامات الموجهة إليه.
ويصف مسؤولون بريطانيون رجل الدين الأردني بأنه “السفير الروحي” لزعيم تنظيم القاعدة الراحل، أسامة بن لادن، في أوروبا، ويقولون إنه أحد “ملهمي” العناصر الإرهابية، مثل محمد عطا، الذي قاد عملية اختطاف الطائرات الأمريكية التي استخدمت في تنفيذ هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001.
كما زعم أبو قتادة نفسه، واسمه الحقيقي عمر محمود محمد عثمان، الذي أنكر مراراً تأييده للإرهاب، قبل لجوئه إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أنه لن يتلقى محاكمة عادلة، وسيواجه تهديداً بالتعذيب، إذا ما تمت إعادته إلى الأردن.
وأمرت السلطات البريطانية بحبس أبو قتادة، بموجب قوانين محاربة الإرهاب بين العامي 2002 وأوائل 2005، ومن ثم أطلق سراحه وأعيد اعتقاله في أغسطس/ آب 2005، بموجب القوانين ذاتها، بتهم جمع الأموال للجماعات المتشددة، وتقديم “المشورة والفتاوى الدينية” لمسلحين يعتزمون شن هجمات إرهابية.