في شهر نيسان من العام 2008 تم تكليف شركتين استشاريتين،، بدراسة مشروع الباص السريع في العاصمة عمان،، واستبشرنا خيرا بدراسة المشروع أيضا من قبل الحكومة الفرنسية التي اقتنعت بتمويله بمبلغ مئة وسبعة عشر مليون دينار،، بعد موافقة مجلس أمانة عمان ومجلس الوزراء الأردني على ذلك. لم تكن فكرة الباص اختراعا أردنيا،، فقد سبقتنا إليه دول عديدة زادت عن المئة،، نجح فيها استخدامه من اليابان إلى باكستان،، وأسهم في حل الكثير من مشاكل النقل العام حيثما استخدم،، إلا عندنا لم يتمكن ذلك الباص من أن يرى النور ولقي مصرعه جنينا،، قبل أن يتمكن مواطننا من رؤيته،، وتاهت أوراق اغتياله بين الحكومة والنواب وهيئة مكافحة الفساد دون أن نجد من يطالب بدمه أو يسأل عن مصير ما تم من إنشاءات واجتزاء من الشوارع التي كانت مسرحا للتنفيذ.
ما سمعناه عن دراسات المشروع،، شكل حلما أراح العديد من المواطنين ممن يستخدمون سياراتهم الخاصة أو ممن يجبرون على استخدام وسائط النقل العام المتاحة من باصات،، لا مواعيد لها،، ولا مواقف محددة،، أو اللجوء لدفع مبالغ كبيرة للتنقل بسيارات الأجرة ( التاكسي والسرفيس ). فقد قيل أن كل حافلة في نظام الباص السريع ستؤمن ما تقوم به مئة وعشر مركبات صغيرة باستيعابها لمئة وخمسين راكبا،، وأن النظام بذلك سيوفر 85 مليون كيلومتر من المسافات المقطوعة بالمركبات الخاصة و12 مليون كيلومترا من تلك المقطوعة بمركبات التاكسي العمومية،، مما سيكون له الأثر الواضح في تخفيف الإزدحامات المرورية التي باتت تشكل أرقا لكل من يفكر بالإنتقال من مكان لآخر داخل العاصمة،، إذ بلغ الوقت الذي نقضيه في وسائل المواصلات أضعاف ما نحتاجه لقضاء حاجة ذهبنا لأجلها.
كان من المخطط له أن يستوعب الباص السريع مئتي ألف راكب يوميا يتم نقلهم بأجور بسيطة تدفع الكترونيا،، وبمقاعد لذوي الإحتياجات الخاصة،، إضافة لممرات ومواقف آمنة وكاميرات للمراقبة تضمن الالتزام بالقوانين والتعليمات على طول مسار الباص البالغ 32 كيلومترا بمحاوره الثلاثة التي تغطي المناطق والشوارع الأكثر ازدحاما في العاصمة.
من حقنا أن نتساءل عن مصير ذلك المشروع والمطالبة بحقنا في استكماله،، بعيداعن كل ما يقال،، عن شبهات فساد أو مخالفة للمواصفات في حجارة الرصيف والأشجار المزينة لمساره،، وكل ما سيق من أعذار لإيقاف العمل به،، فهل من مجيب ؟