يبدو أنّ تسعيرة الكهرباء الجديدة مسّت المواطن الأردني بعمق حتى وصل الألم “للعصب”, ومن خلال الإطّلاع على وضعي الشخصي مع فواتير الكهرباء, أستطيع القول أنّ موضوع التسعيرة الجديدة لم يقم على دراسة علمية موضوعية حول تقسيم شرائح الأسر الأردنية, ومقدار تأثرها بهذا الارتفاع الجنوني, في ظلّ عدم معالجة سوية الدخل للأسرة الأردنية بشكلٍ متواز مع ارتفاع تكاليف الحياة الهائل, والذي يفوق طاقة المعدل الإجمالي لعامّة مواطني الأردن.
جاءتني فاتورة الكهرباء بمبلغ يتجاوز (250) دينارا أردنيا, لشهرٍ واحد فقط, وأنا رب أسرة عادية, تعيش دون المتوسط لعامة الشعب الأردني, ليس في بيتي مصنع ولا محددة, وإنّما هي إنارة عادية, مع حرصي الشديد على شراء ما يسمّى بـ (لمبات التوفير), ولديّ أبناء في الجامعة, وفي التوجيهي أيضاً, فهناك سهر طوال الليل, ولكنّي أستخدم كل أنواع التدفئة, المركزية والغاز والكهرباء.
ومع ذلك لم أستطع أن أفسر وصول فاتورة منزل متواضع في أبو نصير لا تزيد مساحته عن (250 مترا مربعا), يمكن أن تكون فاتورة الكهرباء الشهرية تنوف على المئتين وخمسين ديناراً بتاتاً, والتي تلتهم ما يعادل 25% من دخل الأسرة على الأقلّ.
والذي جعلني أتجرأ على هذه الشكوى, ما وصلني من شكاوى عدد كبير من أرباب الأسر والذين يمثلون في أغلبهم ما يطلق عليهم الطبقة الوسطى.
أعتقد أنّ الإقدام على هذه الخطوة التي تمسّ عامة الشعب الأردني يجب أن تخضع إلى دراسة متأنية لواقع المجتمع الأردني, وأن يكون تقسيم الشرائح قائماً على تصنيف ميداني لعدد الأسر وحجم الإنفاق من خلال البيانات المرصودة, وأن لا يكون التقسيم نظرياً, في ظلّ اعتماد كثير من الأسر على الكهرباء بشكلٍ محوريٍ وضروريّ. ويجب أن يخضع هذا القرار لموافقة الحكومة, لما له من أثر بالغ الخطورة على واقع المجتمع والمواطنين عامّة, وأن يتم الرفع بالتدرج المحتمل والمعقول, وأن يتوازى مع ارتفاع سوية الدخل القادر على تحمّل أعباء النفقات الباهظة في الضروريات والحاجيات الأخرى.
العرب اليوم