زهير عبد القادر
يعجبني في المجتمعات المتطورة المؤسسية والأستمرارية في التطوير والبناء والمشاريع في المؤسسات الخاصة والعامة…هناك تخصص وملفات وخطط ثابثة يتم تنفيذها بفترات زمنية محددة حتى لو تغير الأشخاص والوزراء والمدراء …فتجد الوزير الجديد مثلا يتابع بدقة وتقدير وأحترام ومهنية عالية المخطط الذي بدء به الوزير السابق ويحاول بكل أمانة أنجازه…وهذا يحدث تماما عندما يعين مدير جديد لدائرة أو مؤسسة حكومية أو خاصة أو جامعة أو معهد…وهناك اأضا قوانين ومديريات وأقسام تنظم سير العمل في المؤسسة حسب القانون المعد لها بغض النظر عن الأشخاص..ونادرا ما نجد تغييرا على الموظفين أو العاملين في الوزارة أو الدائرة أو الجامعة …بل نرى أن عجلة التقدم والتطوير تسير على قدم وساق.ويبدأ الوزير الجديد أو المدير الجديد بدراسة مكانية تنفيذ مخططات جديدة تخدم المواطنين وتحقق أهداف المؤسسة المختلفة.
عايشت ثلاثة مدراء للمؤسسة الاعلامية التي عملت فيها في المانيا،بقيت مكاتب المدير العام كما هي…وبقي مدير مكتبه نفس المدير السابق الذي عمل مع المديرين السابقين وبقيت السكرتيرة نفس السكرتيرة والسيارة هي نفسها والسائق هو نفس السائق وحتى رقم التلفون بقي نفسه ولم يتغير شيئا،أنما وجدنا خطط عمل وبناء جديدة مع العمل على تنفيذ مخططات المدير القديم …وبالمناسبة عايشت فقط ثلاثة مدراء على مدى 36 عاما أي أن معدل بقاء المدير أكثر من عشر سنوات وهذا يعني أن كل مدير منهم أنجز العديد من مخططاته الأدارية والبرامجية…وهكذا تستمر عجلة التقدم والتطوير…وما ينطبق على هذه المؤسسة ينطبق على كل المؤسسات في الدولة…وهذه من أيجابيات دول المؤسسات .
في شرقنا العربي الوضع يختلف تماما…يحضر المسؤول الجديد ومهما كان منصبه ويبدأ بالتغيير وأصدار القرارات ومن أهمها..تغيير اثاث المكتب بعد دهنه بلونه المفضل،تغيير السكرتيرة وغالبا ما يحضرها معه من منصبه السابق،تغيير المدراء او على الأقل تغيير مهماتهم…تغيير مدير المكتب وطبعا محاولة تغيير السيارة والسائق…والأهم من ذلك كله الغاء قرارات الوزير او المدير السابق على أعتبار انه أي الجديد هو المنقذ والمصلح لأخطاء من سبقه…وهكذا تمر الأيام سريعة فتتغير او تعدل الحكومة ويذهب صديقنا الى بيته ويأتي الجديد ليبدأ بنفس التغييرات…وهذا حال مدراء الدوائر والمؤسسات الأخرى…وفي نهاية المطاف نرى ان المديونية قد أرتفعت والحمولة الزائدة ثقلت والمشاريع توقفت وتأجلت ….
أننا نعاني من المؤسسية وفوضى العمل في معظم مؤسساتنا الحكومية والخاصة فاذا مرض أحد الموظفين أو استقال أو تقاعد يصعب علينا أيجاد البديل له…واذا ذهبت لتوقيع معاملة ما وكان الموظف غائبا فلا تجد من يقوم بعمله وعليك الأنتظار حتى عودته مهما طال غيابه.ونقطة أخيرة لابد من ذكرها وهي تعبئة المؤسسة موظفين جدد من أقارب وأصدقاء ومحبي المسؤول …
المؤسسية…والأستمرارية…وتشجيع الكفاءات الشابة…والأنتماء الحقيقي للوطن…وأعطاء المسؤول وقتا للأنجاز…كلها عوامل تؤدي الى التقدم والبناء والأزدهار ….صباح الخير.
zuhairjordan@yahoo.com