الزميل فيصل الشبول
قد لا تكون صدفة بشكل مرجح تلك التي جمعت في يوم واحد بين إبداع مدير المخابرات الأردني الأسبق محمد الذهبي خلف القضبان وقرار إعادة تعيين خصمه العلني الأبرز الصحافي فيصل الشبول مديرا لوكالة الأنباء الحكومية بترا فالأخير وهو إعلامي مخضرم فقد وظيفته عمليا في سياق موقف إعتراضي علني ضد الذهبي عندما كان يحكم مسارات الأمور في البلاد.
والشبول أيضا أصدر قبل أسابيع رواية تتحدث عن تعسف ضابط مخابرات يعتقد في الوسط الثقافي أنها تقصد الذهبي.. لذلك جاء تعيينه في نفس يوم القبض على الذهبي مديرا للوكالة الإخبارية الأهم في البلاد حدثا يستوجب المقاربة والمقارنة فيما نقل مدير الوكالة القديم رمضان الرواشده مديرا للتلفزيون أملا في معالجة التردي المتواصل في مؤسسته.
لكن الصحافة المحلية بطبيعة الحال سلطت الأضواء وبكثافة وخلافا للعادة على مظاهر توقيف ومحاكمة الجنرال الذهبي الخميس حيث حصل الإستدعاء الخميس بوضوح لكي تضمن السلطات بقاء الرجل خارج سياق الكفالة القضائية حتى الأحد على أقل تقدير وسط إنطباع صحافي عام بأن سنوات قد تكون طويلة من السجن تترقب الجنرال المثير للجدل والذي إعتبرته صحيفة الأخبار اللبنانية عند إقالته ‘خسارة كبيرة’ للأردن لإيمانه بالنزاهة والمحاسبة وفقا ما نشرته الصحيفة اللبنانية آنذاك.
صحيفة ‘العرب اليوم’ فردت مساحة خاصة للتحدث بتفاصيل وقوف الذهبي بين يدي قاضي الإدعاء فالرجل بقي مبتسما وهادئا وإستجوابه إستمر ساعة ونصف وقال عبارة واحدة ‘غير مذنب’ لكن صحيفة الرأي الحكومية كان لها قصب السبق في مسألة أخرى تماما فكاميرا الصحيفة نشرت شريط فيديو تناقلته الدنيا فورا للحظة خروج الذهبي مخفورا من مقر الإدعاء العام.
وحسب شريط صحيفة الرأي ظهر الرجل وقد ألقى بنظره في عمق الأرض واضعا يديه في جيوبه محاطا بخمسة ضباط من الشرطة قبل وضعه في الزنزانة المتنقلة المخصصة للسجناء فيما أبرزت الرأي جزئية إيداع الذهبي في سجن الجويدة قبل تميز صحيفة ‘الغد’ يوم الجمعة بالتركيزعلى الإتهامات والتعمق القانوني بها حيث تتعلق بالإختلاس والإستثمار الوظيفي وغسيل الأموال وهي إتهامات من العيار الثقيل في واقع الأمر في الوقت الذي نشرت فيه صحيفة ‘الدستور’ خبرا مقتضبا جدا عن الحدث الذي كان أشبه بزلزال إعلامي وسياسي في عمان الجمعة.
قبل ذلك تسابق الإعلام الإلكتروني في نشر التفاصيل والحيثيات فقالت صحيفة ‘الإصلاح’ أن الرجل إرتدى البدلة الزرقاء ومضيفه في المهجع رقم 13 في السجن كان خصمه القديم الدكتور أحمد عويدي العبادي الموقوف بدوره على ذمة التحقيق بإتهامات تحريضية ضد الدولة.
وحسب تسلسل ليلة القبض على الذهبي ووفقا للإصلاح دخل الرجل باحة السجن في وقت الغداء حيث كانت طوابير من آلاف السجناء في الساحات العامة تنظر مباشرة للضيف الجديد بحالة ذهول فالرجل قبل سنوات قليلة لم يكن أحد يتجرأ على ذكر إسمه.
لاحقا سلم الذهبي أمواله الشخصية وشيكاته ومتعلقاته لحراس السجن وقام بالتبصيم كما يفعل كل السجناء وإرتدى البدلة الزرقاء ودخل الغرفة المخصصة له بهدوء ونعومة وكل ما ذكره المحامي فقط هو أنه سيتقدم بطلب الكفالة صباح الأحد المقبل.
والان يقول المراقبون أن المحكمة المدنية التي أوقفت الذهبي ستحاسبه على الجزء المتعلق بمخالفاته بعد تركه للوظيفة الرسمية فيما ستتولى محكمة داخلية في جهاز المخابرات الجزء المتعلق بمخالفاته أثناء عمله مديرا للجهاز مما يعني ضمنيا صعوبة الإفلات من العقوبة فقد حرصت السلطات على جمع أدلة كافية ولم تستعجل في التحضير للمحكمة وروعيت معايير العدالة والإنصاف وسيمنح الرجل الفرصة الكافية لتقديم الدفوعات.
ويؤكد مرجع قانوني مهم في الدولة الأردنية للقدس العربي بأن الجزء المتعلق بغسيل الأموال في محاكمة الذهبي سيحدد مصير الرجل بصورة أكثر حسما فسنوات العقوبة والسجن تتحدد بموجب أصل المال القذر الذي قام بغسله فلو كان مصدر المال المخدرات أو الإرهاب فالعقوبة المرجحة هي السجن المؤبد حسب نص قانون غسيل المال وإذا كان مصدر المال مختلف فنحن نتحدث عن عقوبات بالسجن قد تصل إلى 15 عاما.
معنى ذلك أن صفحة الذهبي طويت إلى الأبد بموجب القانون وسط حالة إعتراف بالأخطاء وتطهر وحيوية داخل النظام حيث لم يعارض النائب الدكتور ممدوح العبادي القول بأن محاكمة الذهبي هي محصلة للحراك الشعبي المحلي قائلا: لم لا؟.. ذلك يؤشر على حيوية الإستجابة للناس في الدولة والنظام
القدس العربي.