وضع القيادي البارز في الحركة الإسلامية زكي بني ارشيد، ثلاثة شروط لمشاركة الإسلاميين في الانتخابات النيابية المبكرة هذا العام. والشروط، باختصار، هي تعديل ثلاث مواد في الدستور تتعلق بصلاحيات الملك في حل البرلمان وتشكيل الحكومات واختيار الأعيان.
لسنا متأكدين إن كانت هذه شروط الحركة الإسلامية للمشاركة، أم هي وجهة نظر بني ارشيد الشخصية، لكن في كلتا الحالتين فإن الموضوع يستحق النقاش من زوايا عدة.
يتحسس الإسلاميون كثيرا مما يشاع عن صفقات يسعون إليها مع أطراف داخلية وخارجية في سبيل الوصول إلى السلطة، وهم محقون في ذلك.
فما دامت صناديق الاقتراع تكفل الفوز لمرشحيهم، فما مبرر الصفقات؟بيد أن الإسلاميين في الأردن ربطوا على الدوام مشاركتهم في الانتخابات المزمعة بشروط الحراك الشعبي والسياسي، وليس بمصالح الحركة الإسلامية.
وعلى حد علمنا، فإن الحراك الأردني الذي يطالب بوجبة أخرى من التعديلات الدستورية لا يرى في تعديل المواد الثلاث شرطا للمشاركة في هذه المرحلة.
انفراد الحركة الإسلامية بوضع شروط مسبقة على المشاركة غير تلك التي يتوافق عليها التيار العام من الحركة الشعبية والوطنية الأردنية، سيعد في نظر الكثيرين بمثابة صفقة بين “الحركة” والدولة.
ومهما حاول الإسلاميون نفيها، فإنهم لن يردوا التهمة أبدا.يتعين على قوة سياسية بوزن الحركة الإسلامية أن تصوغ بدقة شعار المرحلة، وأن تميز بوضوح بين شعار المشاركة من أجل التغيير وشعار المشاركة في التغيير.
لم نصل بعد إلى المرحلة التي تسمح فيها الظروف الموضوعية برفع الشعار الثاني. جل ما نريده الآن هو الوصول إلى برلمان يمثل بشكل عادل ومتوازن القوى السياسية والاجتماعية الأردنية، وذلك من خلال قانون انتخاب وبيئة سياسية يسمحان بوصول أفضل الكفاءات الوطنية إلى قبة البرلمان.
شعار المشاركة من أجل التغيير يجسد هذا الهدف، ويفسح المجال أمام الممثلين الشرعيين للمجتمع لإجراء مراجعة أعمق للدستور، والنظر في تعديل مواد أساسية كتلك التي أشار إليها زكي بني ارشيد.
عندها يصبح شعار المشاركة في التغيير أمرا واقعا.إن اللحظة التاريخية التي أجريت فيها الوجبة الأولى من التعديلات الدستورية لم تكن تحتمل أكثر من ذلك؛ فالمؤسسات التشريعية والتنفيذية القائمة لا تحظى بالشرعية اللازمة لإنجاز تعديلات جذرية على الدستور.
لكن أهمية تلك التعديلات تكمن في أنها مهدت الطريق للوصول إلى مجلس نيابي يحمل من المواصفات ما يؤهله لاتخاذ قرارات تاريخية، مستندا إلى شرعية شعبية كاملة، هذا على فرض أن الانتخابات المقبلة ستجري وفق قانون انتخاب عادل وديمقراطي، وبصورة نزيهة وشفافة لا تقبل التشكيك.
إن مجلس النواب المقبل هو المؤهل للنظر في تعديل المواد الأساسية من الدستور، وليس المجلس الحالي.لا يمكن للحركة الإسلامية أن تتجاهل هذه المعطيات، وأن تبني استراتيجيتها على إيقاع الثورات في تونس ومصر أو سورية، وتقفز عن الحقيقة القائلة بأن لكل بلد عربي طريقه الخاصة إلى الربيع
الغد