لا يوجع إسرائيل وسياساتها المطبقة أن تأتي انتقادات الممارسات الإسرائيلية من جهات معادية لإسرائيل، وخاصة إذا كانت هذه الجهات عربية أو إسلامية، فهي تصف نقادها هؤلاء باللاسامية حتى لو كانوا ساميين أكثر منه. ما يوجع إسرائيل وممارساتها أن يأتي النقد الموجع من قبل أصدقائها وأنصارها، الراغبين في حمايتها من نفسها.
آخر هؤلاء النقاد الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، الذي ألـّف أكثر من كتاب يدين سياسات وممارسات إسرائيل لاعتقاده بأنها تلحق الضرر بإسرائيل نفسها.
في عددها الأخير سألت مجلة (تايم) الأميركية كارتر عما إذا كان متفائلاً حول مستقبل إسرائيل ، فرد بشكل قاطع بالنفي، مؤكداً أن أميركا لم تعد تتمتع بأي نفوذ لدى الفلسطينيين أو العرب لسبب بسيط هو أنها تنام في فراش واحد مع إسرائيل، وهي تضطهد الفلسطينيين بشكل مرعب، الأمر الذي يعتبره كارتر معاكساُ تماماً لمصلحة إسرائيل نفسها.
،إسرائيل لا تريد السلام، هذه حقيقة ثابتة، وهي تعني في التطبيق أن من يهاجمها ويهددها إنما يفيدها، لأنه يبرر مواقفها المتصلبة، ويحشـد لها الأنصار، ومن هنا استفادت إسرائيل كثيراً من تهديدات الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بإحراق نصف إسرائيل، وتهديدات الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد بإزالة إسرائيل من الخارطة، فهذه التهديدات تعرف إسرائيل أنها غير جادة، ولكنها توظفها للظهور بمظهر الطرف الضعيف المهدد الذي يستحق كل الدعم اليهودي والأميركي بالمال والسلاح والغطاء الدبلوماسي.
،على العكس من ذلك فإن المبادرة العربية التي أطلقها مؤتمر قمة عربي قبل عشر سنوات وأكدها مؤتمر قمة إسلامي، وما زالت على الطاولة، أحرجت إسرائيل، وأظهرتها على حقيقتها كدولة رافضة للسلام والتعايش مع جيرانها، وليست ضحية تستحق الحماية والدعم.
والحملة الإعلامية الإسرائيلية على الملك عبد الله الثاني لم تأت ِ لأنه يريد إزالة إسرائيل من الخارطة، بل لأنه يريد لها أن تتخلى عن عقلية القلعة المغلقة التي ترفض فرصة حل سلمي ليس مع الفلسطينيين وحدهـم، بل مع 22 دولة عربية، و55 دولة إسلامية، ويؤكد حقيقة كون إسرائيل دولة مارقة خارجة عن القانون الدولي.