لا نختلف اطلاقا على ان المعلمين العاملين والمتقاعدين لهم مطالب محقة وبحاجة الى تحسين اوضاعهم المعيشية بصورة تضمن لهم حياة كريمة, مثلهم مثل كافة الاردنيين العاملين في القطاع العام الذين باتوا يعيشون حياة الكفاف بسبب سياسات “تفقير” موظف الحكومة وجعل الوظيفة الحكومية غير مجدية ماليا لصاحبها.
لكن الجدل يدور اليوم حول اليات المطالبة او كيفية الدفاع عن المصالح, وهي عملية جدلية تغشى المجتمع الاردني كله, فالجميع في الشوارع يهتف او يرفع الشعارات المطلبية او يجلس على ابواب المؤسسات الحكومية, وهذا الامر بدأه عمال المياومة وتلاه المعلمون واطباء الصحة واليوم نرى المهندسين, والممرضين وموظفي ديوان الخدمة المدنية ووزارة الداخلية ووزارة التنمية الاجتماعية والاحصاءات العامة الى ان وصل الامر بموظفي جامعة مؤتة الى الوقوف بالباب ومنع الطلاب من دخول جامعتهم, فهل ما يجري معقول?
المعلمون اصحاب حق في المطالبة بعلاوة المهنة لكنهم تسرعوا في اعلان اضرابهم هذه المرة, فخلقوا حالة من “العداء” المبكر مع اولياء امور الطلبة في اليوم الاول لبدء العام الدراسي, وما يترتب على ذلك من اضرار بمصالح الطلبة وخاصة طلبة الثانوية العامة, فاذا كان الامر كذلك, فكيف سيكون بعد الاعلان الرسمي للنقابة ? وهل ستصبح الاضرابات هي السبيل الوحيد للمطالبة بالحقوق او المنافع مهما كبرت او صغرت ? اليس من العجيب ان تصدر لجنة نقابية بيانا تعلن فيه رفضها للحوار او المفاوضات وان الاضراب المفتوح هو الحل الوحيد.
ان النزول للشارع او الاضراب عن العمل حق للموظفين والعمال كفلته المواثيق الدولية و فرضته ظروف الاقليم المشتعل, والدفاع عن المصالح حق شرعي اصيل, وليس مجديا دائما انتظار السلطات لتستجيب للمطالب طوعا, لكن ليس كل قضية بحاجة الى اضراب او تصعيد او اضرار بمصالح الاخرين, وخاصة اذا كانت الجهة القائمة على الاضراب منظمة وقادرة على التأثير المؤسسي وليست ردود افعال عشوائية.
المعلمون الاردنيون واعون لمسؤولياتهم الوطنية, لذلك يمر الاضراب بصمت وبدون اية فوضى او مناوشات, وفي النهاية سينتهي الاضراب ويعود المعلمون الى طلبتهم وستجد النقابة ووزارة التربية والتعليم حلا توافقيا, لكن يبقى مبدأ الاضراب واسلوبه خاضع للنقاش? هل نحاور اولا ام نصعد ثم نحاور? كيف يمكن ان نوائم بين معادلة التضارب باستغلال حقوق الانسان لاهدار حقوق انسان اخر?
العرب اليوم