الإصلاح نيوز-،يرى الكاتب اللبناني المعروف إلياس خوري أن الانتخابات في تونس والمغرب ومصر حملت مؤشراً على أن الرأي العام العربي لا يزال يعيش في سياسة الهوية، وهذا ما قاد إلى فوز التيارات الإسلامية، وتراجع الليبراليين واليساريين. لكن سياسة الهوية هي تبسيط للسياسة، وتهدد باختزالها في شعارات ايديولوجية أو دينية، لأنها تلخّص أزمة التحوّل الديموقراطي في المسألة الأكثر سهولة وعفوية.
سياسة الهوية بهذه التبسيطية تشير إلى إحدى العلامات الكبرى التي أفرزتها عقود من الديكتاتورية، إنها الفراغ الأخلاقي. الأنظمة الانقلابية العربية سقطت عدة مرات قبل أن يجرفها تيار الثورات العربية المشتعلة، وقامت بتدمير المرجع الأخلاقي للسياسة بشكل كامل. سقطت أولا في عجزها عن حلّ المسألة الوطنية، فكان الحلان اللذان اعتمدا للصراع العربي- الإسرائيلي أشبه بالكارثة: الاستسلام على طريقة كامب ديفيد المصرية، أو الاستمرار في ممانعة التأجيل على طريقة النظام السوري. ما قاد إلى فراغ كبير حاولت قوتان إقليميتان هي إيران وتركيا أن تملآها.
وسقطت ثانيا عند سقوط جدار برلين، حيث لم تفهم أن هناك منظومة ثقافية واخلاقية قد تهاوت. فالاستبداد العربي الذي اتخذ من كوريا الشمالية نموذجا، لم يسقط فقط في التوريث، لكنه سقط نهائيا في مستنقع القبلية والجهوية والطائفية، بحيث لم تعد لغته السياسية سوى قناع شفاف يكشف بدل أن يخفي. وسقطت ثالثا عندما لم تفهم من العولمة سوى وجهها البشع، فحولت الاقتصاد إلى رهينة مافيا عائلية، تنهب وتدمر ولا تشبع.
وسقطت رابعاً عندما خلقت من حولها فراغا أخلاقيا، احتله الكذب والقمع والمحاباة والنفاق. قطت الأنظمة بعدما نجحت في افراغ المجتمع من البنى الاجتماعية التي تصنع السياسة: الأحزاب والنقابات، من خلال احتكارها الحصري للسياسة والإعلام، بحيث صار المجتمع الأهلي غريبا عن سياسة بلاده.
سياسة الهوية
<a href="http://islahnews.net/wp-content/uploads/2012/02/4f2974281ffd7__NO_FLASH__gypten_Wahlen-1.jpg">