بقلم- ،حسين بني هاني/
رفع الفاسدون، وعلى حساب الدولة، من قيمة ومصداقية خطاب المعارضة، قبل بداية الربيع الأردني، وثبت أن بعض ما كان يحذر منه المعارضون، كان صحيحاً، وبانت سوأته، بل كان مخادعاً للناس بصورة سافرة، مثل طوفان نهج الليبرالية على حساب مصالح الوطن، وحين قاطع بعضهم الانتخابات بحجة التزوير.
سواءً يعجب هذا الكلام أو لا يعجب، فقط تبين أن المعارضة، كان معها كل الحق، وهي تشاهد اليوم، أن من كان يقيم أداءها، ويدعي الفضيلة الوطنية، ويتمتع بفائض السلطة، ويمارس الوصاية على الوطن وأهله، وكان يشكل سلطات الوطن الثلاث، على مقاسه، هو أحد رموز الفساد، وغسيل الأموال، بل يحق لها أيضاّ أن تذكر الناس، بأن الوطن نظاماً وشعباً، قد مر عليه زمن صعب، بفضل اجتهاد مثل اولئك الاشخاص بحيث نال منه أساطين الفساد بأشكالهم المختلفة، قدراً كبيراً من هيبة الوطن، عندما طاول فيه قصار النظر، قامة الوطن العالية، وأفسدوا قطاعات عريضة من الناس.
خريف الفاسدين أصبح على الأبواب، وهنا نقطة البداية، فقد أصبح لدينا الان فرصة تاريخية، يجب اغتنامها، نعيد فيها للوطن ألقه وسمعته، ودون أن نلقي فيها آذاناً صاغية لمشكك هنا، أو طامع هناك، فالأمر يسير، ومقدور عليه، فهو فقط محاكمة حقيقية لهم، وقانون انتخاب عصري، وانتخابات حرة شفافة، وغير ذلك تفاصيل لن يقف الناس عندها طويلاً، لأن وصول اخيار الشعب الأردني، الى مجلس الأمة، كفيل بطي هذه الصفحة مرة واحدة والى الأبد، الان هكذا مجلس سوف يمارس ولايته الحقيقية التي نص عليها الدستور وسيكون معيناً قوياً لصاحب الولاية، وبمقدوره ايقاف نهج المتلاعبين بمقدرات الدولة، وايقاف ذلك النهج، الذي سمح يوماً، ودون علم صاحب القرار، بأن يقوم بعض الفاسقين وقصار النظر فيه باختطاف مؤسسات الدولة والعبث بمقدراتها وسمعتها، والحاق الأذى بنظام ملكي، كان الاقرب دوماً من الناس والأكثر احساساً بهمومهم، والملبي لطموحاتهم قبل وبعد الربيع.
الناس على حر الجمر تنتظر، وأحاديثهم كلها اليوم تنصب على مصداقية الدولة في مكافحة الفساد، واعتقد ان البداية موفقة، بل مقنعة جداً, والمتابعة مطلوبة، فقد ضنّ علينا هؤلاء، زمناً بالحرية والديمقراطية، وزورا ارادتنا، ولحق بعضنا الجوع بسببهم، وعلى من بيدهم الحل والعقد، أن لا يعيروا كبير اهتمام لمن يتشدقون بخطورة مخرجات محاكمة الفساد والمفسدين، أو ما سيقال عن سمعة الوطن، لأن النظام والدولة والشعب أهم من كل هذا ومن الفاسدين ايضاً، ووجودهم خلف القضبان هو الذي سيخفف من وطأة الحراك، أكثر مما سيوفره اقرار قوانين الاصلاح من هدوء وتلبية لمطالب الشعب.