ظل شارد التفكير ، مكتئب الحال ، على كتفيه فروته،، يضع يده على خده مسترجعاً بصورة بطيئة شريط ذاكرته ، ما الذي فعله ليلاقي ما يلاقيه..ثم ما يلبث حتى، يعدل وضعية رأسه ويفتح يديه مستعجباً دون ان ينطق بكلمة واحدة..
صمته الغريب ترك أكثر من علامة استفسار لدى ابنه البكر يحيى..اقترب منه قليلاً..تناول برتقالة من الصحن محاولأً قياس حدّة مزاج والده: أقشّر لك بردقانة حجي؟؟؟ سأله يحيى..فرفض الحجي العرض «متشكتشكاً»: نته..نته..نته..بديش ،كمان اقلع الصحن من قدامي لويش حاطينه هون!!..
وضع يحيى السكين في مكانها ثم سأله: شايفك مش مزبوط .في اشي؟؟…تنهّد ابو يحيى طويلاً ثم اخرج المسبحة من جيب دشداشته فاتحاً الموضوع على مصراعيه:
(( عمري قصرت معها بإشي…عمري هاوشتها ؟؟..عمرك شفتني :صيّحت عليها ..او زعلت عند اهلها زي هالنسوان))..
استغرب يحيى من وابل الاسئلة الذي أمطره بها والده فرد مستفسراً: أمي؟؟.
-ابو يحيى: امك، لعاد أمي؟!!..من شهر لا بتغسل لي ثوب ..ولا تسخن لي أكل..ولا بتكوي لي «شوره» ولا تحكي معي.. ولا تقعد معي..لا بتفرش لي ..ولا تسألني عن حالي..شو مالها مش داري؟..فطلب يحيى امهاله بعض الوقت – صنعة الوسطاء- ليفهم من «الحجة» سر هذا الجفاء الغريب ويعود اليه بالجواب الشافي…قبل ان يرتد اليه ردن الفروة!!
بعد دقائق، ، وأثناء قيام أبو يحيى بتوزيع الاحتمالات على مقاعد تخمينه، ونشل الإجابات المتوقعه من بئر تفكيره.. وأثناء تتابع، طقطقات مسبحته المتوترة، مثل صوت الدلف من سطح قديم.. أطلق باب الغرفة صريره من جديد..رفع الرجل رأسه وبدأ يقرأ ملامح يحيى المشبعة بالاستغراب:
ابو يحيى- ها مالها؟
يحيى-، سولافة طرمة!!
ابو يحيى: شو في؟
يحيى: والله مانا عارف شو اقلّك يا حجي!!
ابو يحيى: ولك احكي؟
يحيى: ولا اشي…بس بتقول بدها ع القانون!!
ابو يحيى: أي قانون؟؟
يحيى: بتقول بما انها صارلها متجوزيتك 30 سنة يعني قبل سنة الــ2000 ..وحسب قانون المالكين والمستأجرين الجديد: بتقلك امي…يا بتعدّل «عقد الزواج « / زي المثل/، يا بتخلي!