يختلف الزواج المبكر في دير علا عنه في المناطق النائية الأخرى، إذ تشترط العديد من العائلات في عقد الزواج إكمال الفتاة لدراستها كشرط أساسي للزواج بسن مبكر.
وتتعدد الأسباب التي تدفع بالأهل لاشتراط إكمال الفتاة لتعليمها كبند أساسي في عقد الزواج ومنها تدني دخل الأسرة، وعدم قدرتها على دفع تكاليف التعليم، إضافة لضمان حق التعليم لبناتهم، وهذا ما أكده أحمد الشحادات الذي زوج ابنته البالغة من العمر 15 عاما.
يقول الشحادات”أوضاعي المالية لم تسمح لي بتدريس ابنتي، فاضطررت لتزويجها بشرط أن يدرسها زوجها” .
ولا يعتبر هذا الشرط في عقد الزواج ملزما للزوج، إلا أنه يترتب عليه أثر قانوني، حيث يحق للطالبة المتزوجة أن تفسخ العقد بسبب التخلف عن تنفيذه.
ويظهر التضارب ما بين إحصائيات مديرية تربية دير علا وحجم الظاهرة على أرض الواقع ، حيث تشير مديرية التربية إلى أن طالبة واحدة متزوجة ما زالت على مقاعد الدراسة وطالبتين متزوجتين تسربتا من المدرسة.
في حين يظهر استطلاع للرأي الذي أجرته “عمان نت” في العديد من المناطق في لواء دير علا يظهر أنه يوجد في معظم العائلات ما لا يقل عن 5 حالات من الطالبات المتسربات من المدرسة بعد الزواج .
إجبار الطالبات المتزوجات على ترك تعليمهن:
تواجه الطالبات المتزوجات الإجبار على ترك المدرسة من قبل الزوج أو أهله بعد الزواج، فـ”سناء” ابنة الـ13 عاما تعرضت للإجبار على ترك المدرسة وبسبب حماتها كما تقول “حماتي تعتبر ذهابي للمدرسة إنما هو للتسلية واللعب ومقابلة زميلاتي مما جعل يومي الدراسي مشوشا ومليئا بالمشاكل إلى أن تركت المدرسة، مع العلم أن عيوني ما زالت متعلقة بها”.
أما والد سناء فشعوره بالذنب تجاه ابنته لم يفارقه، خاصة عند رؤيته للطالبات وهن في طريقهن للمدرسة “ لقد خضعت ابنتي لقرارات زوجها وتركت المدرسة خوفا من الطلاق”، على حد تعبيره.
وقد ازدادت نسبة الطالبات المتسربات من المدارس بشكل مقلق، كما تؤكد مديرة مدرسة الرويحة الثانوية للبنات ليلى محمد.
وتقول“علينا ألا نتجاهل الأثر التربوي والاجتماعي الناتج عن ظاهرة تسرب الفتيات المتزوجات، فالمرأة المتزوجة تتعرض للتغيب المستمر ما يؤثر على تحصيلها العلمي”.
وهذا ما حدا بمدرسة الرويحة الثانوية لتفعيل الإجراءات تجاه تسرب الطالبات المتزوجات، كما تؤكد المرشدة التربوية فيها أسماء المسروجي”حيث سنقوم بتفعيل التعليم الإلزامي وعدم التساهل مع الطالبات المتسربات حتى وإن كن متزوجات“.
وتعتقد المسروجي أن ضعف المرأة بالدفاع عن حقها في التعليم ناتج عن عدم امتلاكها القوة الاجتماعية التي تساعدها على أخذ حقوقها.
من جهته، أكد مدير إدارة التعليم وشؤون الطلبة في وزارة التربية والتعليم صالح الخلايلة أنه لا يوجد رصد حقيقي لحجم هذه الظاهرة.
وأوضح أن الطالبة تستطيع بعد سن الزواج العودة إلى نظام التعليم إذا كان عمرها لا يتجاوز 3 سنوات عن أقرانها في الصف الذي ستلتحق به، أما بعد ذلك فيمكنها أن تلتحق بالتعليم غير النظامي.
كما تستطيع التحول إلى الدراسة المنزلية “التعليم غير النظامي” من خلال موافقة مدير التربية وبعد توفر الوثائق التي تثبت عدم قدرتها على إكمال تعليمها النظامي .
ويقول الخلايلة “إن الطالبة المتزوجة إذا التحقت بالتعليم النظامي يتوجب عليها توقيع تعهد بعدم تداول أي مواضيع خاصة عن حياتها الشخصية مع الطالبات”.
يذكر أن السن القانوني للزواج هو 18 عاما، بحسب ما ورد في قانون الأحوال الشخصية، إلا أن القانون سمح بالزواج في عمر الـ15، واعطى لهذه الحالات استثناءات وشروطا تنظمها وأهمها أن لا يؤثر الزواج على حق الفتاة بالدراسة، حيث يحق للقاضي عدم إعطائها الإذن بالزواج في هذه الحالة.
ويبلغ عدد الإناث في مدارس دير علا 6529 تتوزع على 27 مدرسة من أصل 46 مدرسة في اللواء.