تراجعت حالات الانتحار في الاردن عام 2011 بنسبة الثلث عن عام 2010 بحسب ارقام رسمية للمركز الوطني للطب الشرعي ومديرية الامن العام.
وسجلت ارقام ادارة المعلومات الجنائية التابعة للأمن العام 39 حالة انتحار العام الماضي مقابل 60 حالة عام 2010 في حين بلغت محاولات الانتحار 301 حالة العام الماضي مقابل 391 عام 2010.
وقال رئيس المركز الوطني للطب الشرعي قيس القسوس ان حالات الانتحار التي وصلت الى المركز وفروعه في المملكة بلغت 40 حالة انتحار عام 2011 في حين بلغت 60 حالة عام 2010.
واكد ان الامن العام والقضاء هو الأقدر على تكييف الحالة بأنها انتحار، موضحا ان عددا من الحالات التي تأتي الى الطب الشرعي نراها انتحارا الا ان الظروف التي تحيط بالمنتحر والعار الذي يلحق بالعشيرة والمبررات التي تسوقها تؤدي احيانا الى تغيير التصنيف.
واكد الدكتور القسوس ضرورة وجود سجل وطني موحد لحالات الانتحار في الأردن.
وعن اسباب الانتحار قال الدكتور حسين محادين الاستاذ المشارك في علم الاجتماع في جامعة مؤتة ان العلماء يؤكدون انه لا تقدم في مواجهة أي قضية دون تخطيط، ولا تخطيط ناجحا دون احصاء دقيق وبالتالي فإن هناك حاجة لوجود سجل وطني موحد لحالات الانتحار.
واشار الى ان مجرد وجود حالة انتحار واحدة تكفي لإعطاء هذه القضية الاهمية والبحث في اسبابها ومعالجتها.
وعن اسباب الانتحار قال انها تقسم علميا الى ذاتية وعلى الصعيد الموضوعي والبيئة المحيطة، موضحا ان القسم الاول مرتبط بالشخص المنتحر من حيث طبيعة “النفس اجتماعي” المرتبط عادة في بيئته الاسرية اذ ان هناك اسرا تبنى دون توفر الحد الادنى للنضج او اسباب الحياة لابنائها إما عن طريق القرابة او التنازل، يضاف لذلك ان الخبرات التي يتعرض لها هذا الشخص المنتحر من خبرات الطفولة تبقى حاضرة حتى عندما يكبر في تفاعله مع الحياة.
واضاف انه على الصعيد الموضوعي والبيئة المحيطة فإنها احيانا تكون محفزة للانسان الى التفاؤل والعيش المتوازن من خلال مؤشرات اولها توفير الحد الأدنى لأسباب الحياة الكريمة والعمل والدراسة، وثانيها موقع الانسان في بيئته الاجتماعية من حيث انه مقبول او غير مقبول، موضحا ان المنتحر يشعر ان البيئة الاجتماعية ترفضه لذلك يلجأ الى الانتقام من هذه البيئة.
واشار الى ان الانتحار في الاردن بدا واضحا منذ ان تحول المجتمع نحو آلية السوق اذ ان الخصخصة ومصاحباتها قادت المجتمع الاردني الى القيم الفردية وأدت الى زيادة الضغط على الانسان خصوصا الشرائح الفقيرة، وقادت بدورها ايضا الى زيادة الاحساس بالاغتراب داخل المجتمع جراء غياب التكافؤ الاجتماعي والديني.
واضاف ان ذلك ادى الى زيادة التمايز بين شرائح المجتمع اذ بعد ان غابت الشريحة الوسطى اصبح هناك نظرة مزدوجة للانسان الاردني وفقا للتصنيف وهي فقير وغير فقير وكذلك التحكم او امتلاك شريحة صغيرة جدا لحركة الثروة بالاردن، وعليه بدا الانسان يشعر انه مهدد بأعبائه العادية وان منظومة القيم التي كان نشأ عليها المواطن قد ذهبت فبدأنا نلحظ تحولات سريعة كالإقدام على افعال لم تكن مقبولة سابقا كعمليات الاختلاس وكلها ملامح تشير ضمنا الى تراجع الثقافة الدينية في مجتمع عربي مسلم يفترض فيه ان يكون قادرا على الحفاظ على انسانية الانسان بحدها الادنى.