يبدو أن العولمة وعالمها وإفرازاتها لم تترك « جحر ضب» إلا ونالت منه، وحاولت تطويعه بناءً على معطياتها،، وما يتفق مع أجندتها وأحكامها المسبقة، والتي لا تلتقي بأي حال من الأحوال مع مصالح العالم الثالث وقيمه المتوارثة وثقافة شعوبه وخياراته الإستراتيجية.، فمن مصطلح حقوق كل من:، الإنسان و، المرأة والطفل والحيوان ، مروراً بسيادة الشعوب وحقها في التحرر وتقرير المصير ومشروعية المقاومة، وإنتهاءً بحرية، العقيدة والدين والفكر والتعبير والصحافة …..الخ…!!!، حقاً إنها و لعمري عناوين تستحق الإجلال والتقدير والإكبار، بل ويمثل التضحية في سبيل الوصول إليها أعلى درجات التضحية . ولكن، الحبر الذي تكتب به هذه التقارير، لا يلتقي مع، أهدافها.
فعلى، رأس كل سنة،،، يخرج علينا الناطق بإسم وزارة الخارجية هذه او تلك من وزارات خارجية الغرب، بتقارير ما أنزل الله بها من سلطان،، تحلل هذه التقارير في معظمها، حالة الإنسان والمرأة والطفل والصحفي ..الخ في العالم الثالث، وبتركيز أكثر وضوحاً على الحالة التي يعيشها، الإنسان المسلم وتحديداً، العربي.، نحن مع هذه التقارير، لو كانت بعيدة عن، الأحكام المسبقة، ولا تستهدف عقيدتنا وعروبتنا تحديدًاً، ولا، تمثل حقاً أريد به باطل. فلو كانت لا تكيل مكيالين، وتتعامل بشيء من الحيادية والنزاهة وبعيدة عن مفاهيم الفوقية والإملاءات ، لرفعنا، لها الرايات البيضاء .،
إلا أنها وبكل أسف، تستهدفنا، معشر العرب والمسلمين، تستهدف قيمنا وعقيدتنا وتراثنا ودورنا ومستقبل أجيالنا… وتريد منا أن نفعل مع كل ما يتناقض مع قناعاتنا و مبادئنا ومصالح شعوبنا.
،أسوق ذلك وأنا أنظر بعين الريبة والشك لتقرير ما يسمى بــــ» مراسلون بلا حدود»، والذي أشار فيه إلى، تراجع الأردن، عالمياً من المركز 120 إلى المركز 128 فيما يتعلق، بالترتيب العالمي لحرية الصحافة. طبعاً هذه المنظمة التي لا أعرف مَنْ القائمين عليها، ومن فوّضها لإصدار صكوك الغفران لهذا الطرف او ذاك، ومن أين يأتي تمويلها، خاصة ونحن تعلمنا منذ ان بدأنا ندرك ما يدور حولنا، بأن الصهيونية العالمية هي الآمر الناهي للإعلام العالمي وناقلة للخبر والدعاية ومخرجاته،، بالإضافة إلى سيطرتها على رأس المال وطرق توظيفه.، ولأن هذه المنظمة والتي تأتي ضمن سياق منظمات المجتمع المدني او المنظمات غير الحكومية، تعمل بناءً على، اجندات خاصة بها، تحكمها العدائية، والأحكام المعدة، مسبقاً ضد كل ماهو عربي ومسلم،، وتتعامل مع قضايا الإعلام بعيداً عن، الحيادية والشفافية والمهنية.، فلم تأتِ،، لا من قريب ولا من بعيد على واقع الإعلام الصهيوني العنصري والإقصائي والعدائي والإستيطاني، سواء تجاه عرب فلسطين لعام 1948 ام عرب فلسطين،، لعام 1967.، وحتى ضمن إطار المجتمع الصهيوني نفسه، فلم يكن الإعلام الصهيوني منصفاً لكل من اليهود الفلاشا، بل، وحتى يهود السفارديم.
كما أن هذا التقرير أشاد بالإعلام الغربي بطريقة « منفرة»،، نتيجة لعدم حيادية القائمين على هذه المؤسسة، وغياب المهنية عن تصرفاتهم. فلم يتساءلوا عمن، يوجه الصراعات العرقية والأثنية والطائفية والقومية بين شعوب دول العالم الثالث، خاصة الوطن العربي من العالم الإسلامي. ولم يتجشموا عناء البحث والدراسة عن تدخل الحكومات الغربية حتى في صياغة الخبر ومواعيد بثه..!!!
لكن هذا، لا يعني بأن الأردن هو جمهورية افلاطون، ولا يوجد أحد في هذا الوطن يدعي بكمالية النهج الإعلامي، في الأردن وحريته، بل هناك ثغرات في التعامل الرسمي مع حرية الإعلام، شأنه شأن، العديد من دول العالم، بدءا من الدول الإسكندنافية والغربية وإنتهاءً بأريتيريا.، ولكن في نفس، الوقت، الحرية الإعلامية، في الأردن تحكمها العديد من الثوابت، غير القابلة للتفاوض، وهي حماية الأردن وشعبه ومستقبل أجيالة، من مخططات» مراسلون بلا حدود « والهادفة لحل القضية الفلسطينية على حسابه.
almajal74@yahoo.com