الإنباء التي تتحدث عن اسماك كبيرة استقرت في شباك آليات مكافحة الفساد أمر من شأنه أن ينعكس ايجابيا بصورة مباشرة على الشارع باعتبار أن الدولة بدأت تعيد تقييم أمرها وتقتص من نخبة فسدت وأفسدت وشكلت ثقافة رسمية للفساد على مدى السنوات الماضية.
الأمر لا يستدعي الشماتة الشعبية وان كانت في بعض الأحيان مبررة لكنه يستدعي فكرة طال انتظار ولادتها وهي أن مكافحة جدية للفساد تعني استعادة الثقة العامة بالنظام السياسي وجعله أكثر مصداقية في نظر رجل الشارع العادي.
في إطار هذه الأخبار المباركة دعونا نتحدث عن وأد ثقافة فاسدة استشرت وشكلت الإطار الثقافي والقيمي للإدارة العامة .. هذه الثقافة قائمة على التدجيل والكذب واستبدال الواقع المعاش بآخر افتراضي يجعل المواطن – رقميا – في أفضل حال في حين انه يسام سوء الفقر في حياته المعاشة .
كان الفقر يحارب رقميا فقط في شاشات الحواسب التي أتلفت موجوداتها مؤخرا إذ كان يجري تعديل المؤشرات ليقل عدد الفقراء في الأردن بمئات الألوف في وقت كانت فيه تلك السياسات تدفع إلى جدار الفقر بمئات الأسر يوميا .. كان النمو الاقتصادي رقم لا دلالات اقتصادية – اجتماعية له اللهم ارتفاع أرصدة النخبة بلا رقيب أو حسيب..
الآن لا بد من استعادة ثقافة الإنتاج والإنجاز باعتبارها ثقافة نقيض لثقافة الفساد، فالإنجاز يعني المراكمة والأمل في الغد، أما ثقافة الفساد فهي ثقافة حالمة يمكنها أن تصنع من الفاسد مليونيرا في جرة قلم دون أن يبذل أدنى جهد..
ثقافة الفساد تشجع التضخم وتقلل القيمة الحقيقية للنقد باعتبار أن النقد المتحصل بطرق ملتوية يصرف دون إقامة أدنى اعتبار لقيمته الاقتصادية إذ تكون النظرة إلى المال – المسروق – نظرة مالية بحتة وليست اقتصادية والفرق بين الاثنتين بين.
لا بد أن تتوازى الجهود المباركة في اصطياد السمك الكبير بجهود أخرى سياسية الطابع تتمثل في فتح قنوات الحوار مع رجالات الحراك الشعبي في المحافظات لجهة التفاهم على برنامج وطني للخروج من عنق الزجاجة..
هذا العام هو عام إعادة تأسيس الدولة الأردنية وإعادة صياغة عقدها الاجتماعي القائم على احترام حق الفرد والشعب في اختيار قادته ونظامه الاقتصادي وكيفية إدارة موارده دون فهلوة وحركات بهلوانية وطدت القنوط بدلا من الأمل على مدى السنوات القلية الماضية.
شخصان فاسدان افسدا دولة واليوم جاء وقت القصاص لاستعادة شرف الدولة المهدور والتأسيس لأردن جديد ديمقراطي لا مكان فيه لفاسدين