إصلاح نيوز- مروة بني هذيل/
الموسيقي الأردني مغيرة عياد يعزف على العود منذ خمس وعشرون عاماً، لإيمانه بصدق الموسيقى وإحساسها الراقي، استثمر أنامله وأوتاره لإسعاد الأطفال المرضى من خلال عمله كأخصائي موسيقى مع فريق العلاج النفسي في مركز الحسين للسرطان.
عياد اختار طريق العزف منذ كان في الثالثة عشر من عمره عندما كان يسمع الألحان ويرددها، يؤكد أن أي فنان يقع تحت تأثير عاملين في بداية مشواره الفني وهما العائله والمدرسة، منوها إلى أن هذا ما دعم فنه وموهبته.
بدأ يتعلم عياد أصول الموسيقى واتجه الى الموسيقى الصوفية التي تعتبر صعبة جدا، وتعلم مقطوعة “حجاز كار كورد” للمؤلف تاتيوس أفندي ليأخذ المرتبة الأولى بالعزف على العود في مسابقات لوزارة التربية والتعليم في الكويت ، ودرس أصول المقامات، علم نفس موسيقى، وأصول الموسيقى، والمقامات الشرقية التي اندثرت، ليصبح بذلك شرقي في موسيقاه لدرجة العنصرية.
رجع عياد المولود عام 1973 الى الأردن ، والتحق بعد استكماله للثانوية العامة بمعهد تدريب الفنون الجميلة التابع لوزارة الثقافة في الاردن، وكانت شهادة الأساتذة له “سابق سنك بعشر سنين في العزف”. وهناك درس طلاب المعهد، وشارك في مهرجان جرش مع الفنان التشكيلي محمد العامري الذي كان يرسم على موسيقى عياد العربية..
اخذ يتدرج في العمل الموسيقى ويصعد سلمه يتكئ على عوده في حله وترحاله،يحفظ دلالاته النغمية التي تمثلت في ذاته يبحث بين ثناياها عن التراث ويسعى لإحيائه حيث أصبحت الموسيقى بالنسبة له الغذاء والشفاء وتحولت الى مادة حيوية لروحه ينسجم معها فطريا وروحيا.
وكان أحد أعضاء فرقة الحنونة وتعلم من الموسيقار غازي الشرقاوي، وانقطع عن الحياة الفنية والتجأ الى الأعمال الحرة، حتى عاد في 2004 في فعالية “ربيع الرمال الأول”، في محترف رمال، وأصبح عازفا في عدة مشاركات مع الأمسيات الشعرية المحلية والعربية.
ونسب عياد إلهامه للعزف على آلة العود إلى والدته، التي كانت “تبدأ صباحاتها بالخبز على الفرن وهي تردد أغاني من فلكلور بلاد الشام”، ويعتبر السنباطي هو الملهم الروحي لأوتار موسيقاه.
وعن تحديات الفنان الأردني أوضح مغيرة أن الجانب المادي هو أهم تحدي يؤثر في ابداع الفنان مما يجبره على التخلي عن بعض مبادئة الموسيقية لتتناسب مع السوق التجاري للعمل الموسيقي بالاوساط التي عمل بها سواء بقناعاته أم لا، مبيناً :” من خلال اليوتيوب والفيس بوك أستطعت الوصول الى اكبر شريحة ممكنة من الجمهور.”
وفيما يتعلق بطبيعة الاغاني التي يفضل مغيرة عزفها أو حتى تأليفها، يقول:” الكلمة هي أساس الأغنية وهي التي تفرض نفسها على اللحن، وأغلب أغاني العصر الحالي أغاني ذات كلمات بسيطة لا تحتمل أكثر من مقام، وهذا يقلل من عمق اللحن وقوة الكلمة والإحساس.”
وعن عازفي العود يقول مغيرة ” إنهم ندرة”، مؤكدا أن التلحين قضية خطيرة، منوهاً إلى أن الشرقيين عواطفهم جياشة كما أنهم حالمون ورومانسيون واللغة العربية هي السبب في ذلك، لافتا إلى أن لغتنا بحد ذاتها “مغناة.
ومن خيالات وقناعات عياد أن الكلمة هي الانثى واللحن كالخياط..فمن خلال براعة الملحن وذكائة يتكمن من جعل تلك الأنثى صامدة، موضحاً :” الملحن العميق هو من يعرف كيف يجعل للكلمة صدى عالق في الذاكرة.. وذلك بتركيب المقام على التعبير المناسب والصور المجازية بالجملة.”
مشاريع مغيرة متنوعة فهو الان في صدد التحضير لألبوم يتضمن من 6 الى 8 مقطوعات موسيقية خاصة، شاملة لكل المقامات العربية، وكل مقطوعة يكون لها قصة ومغزى إما على أرض الواقع أو من نسج الخيال، اذ سيشمل الألبوم أغنية للأطفال تحكي عن مدى تحدي الطفل لمرض السرطان..وأغنية للوطن العربي في عيون العالم، اضافة الى مقطوعات غجرية تحمل اسم ألبومه ” رقصة الغجر”، مؤكداً هدفه من تلك الخطوة في اثبات مدى امكانية اله العود ومدى امتزاجه مع الايقاع الشرقي.
،، ويكشف الموسيقي عياد بأن اطلاعه على الدراسات العلمية التي اثبتت العلاج من خلال الموسيقى فقرر بعد ان اتقن مهارات العزف والغناء ولغة السلم الموسيقي العمل بموهبته التي منحه الله عز وجل لاثبات أن الموسيقى عنصر فعال في استكمال العلاج النفسي لمرضى السرطان.
يقول مغيرة:” أنا مقتنع أن الموسيقى ليست فقط للطرب والتسلية.. ولا يقتصر وجود الحانها في الكافيهات او الحفلات، قرأت كثيراً عن علم الموسيقى والأثر النفسي له على صحة المرضى ، فابن سينا ألف كتاباً حول تهذيب سلوك الطفل في الموسيقى، والفرابي أول من أوجد رياضيات وفيزياء الموسيقى في كتابه ( الموسيقى الكبرى)، وكان للكندي دور في توضيح شروحات في علم نفس الموسيقى، غير أن اول مستشفى لعلاج الأمراض النفسية باستخدام الموسيقى كان في زمن ابن قلوون، من هنا تكونت قناعاتي بأهمية الموسيقى، متمسكاً بتعريفها وفق العلماء بأنه عبارة عن صوت منتظم يخرج عن الة إما عضوية او من صنع الانسان، بشكل منتظم بالزمن والتعبير النفسي عن الحالة الانسانية في حينها.”
،، وتمكن عياد من تسخير إبداعه الفني لخدمة مرضى مستشفى الحسين للسرطان الذين ينتظرون قدومه كشعاع الامل المتمازج مع أدويتهم لادخاله الفرحة والبهجة على قلوبهم المتعطشة للحياة مخففاً الامهم بموسيقاه التي تولد من أوتاره وانسانيته.
تصوير ومونتاج : معاذ ملكاوي،