قالت منظمة هيومن رايتس ووتش،يوم الخميس،إن على الادعاء العسكري الأردني أن يسحب اتهام “المس بكرامة الملك” المنسوب إلى شاب أحرق صورة للملك في الحادي عشر من كانون الثاني الجاري.
وأوضحت “هيومن رايتس ووتش” أنه وعلى الرغم،من إمكانية،فتح الملاحقات القضائية ضد من يضرون بممتلكات الآخرين جنائيا، فإن تجريم الإهانات المنسوبة إلى رئيس الدولة لا تستقيم مع معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان التي تحمي حرية التعبير عن الرأي.
وأكد كريستوف ويلكى، باحث أول في قسم الشرق الأوسط في المنظمة أن “إحراق صورة ملكية كموقف سياسي أمر يجب ألا يلاحق جنائيا، وأن مقاضاة الأفراد على مثل هذا العمل يعني إرسال رسالة تخويف مفادها أنه لا يمكن إطلاقا انتقاد الملك”.
وأوضح ويلكى أن “على الأردن التخلص من الاتهامات الجنائية التي تقيد حرية التعبير، مثل المادة 195″، مشددا على أنه “يجب ألا يلحق بالتعبير السلمي عن الرأي عبر الأعمال الرمزية أو الخطاب ظلال أي خوف من عقوبات الدولة”.
وأشارت “هيومن رايتس ووتش” إلى أنه بينما يمكن ملاحقة من يتلفون ممتلكات عامة أو خاصة قضائيا، فلا بد ألا يعامل المسؤولون عن إحراق صورة بصفته خطابا أو رأيا يعاقب عليه جنائيا لمجرد أنها صورة الملك.
والد عدي: علامات ضرب على جسد ابني:
ونقلت المنظمة عن شهود عيان “أن عدي أبو عيسى، ناشط يبلغ من العمر 18 عاماً من مادبا، وعضو الحراك الشبابي للإصلاح، كان قد أحرق صورة كبيرة للملك عبد الله الثاني، وكانت معلقة على مبنى بلدية مادبا، حيث سارعت قوات الأمن إلى اعتقال أبو عيسى، وكان بالفعل على ذمة المحاكمة على خلفية ترديد هتافات سياسية في كانون الأول، حيث اتهمه الادعاء أيضا بإحراق ممتلكات عامة.
وقال والد أبو عيسى وزملاء ناشطين في 12 كانون الثاني، إنهم لا يعرفون مكان عُدي، لكن ظهرت تقارير إعلامية بعد ذلك في نفس اليوم أفادت بأن الادعاء العسكري بمحكمة أمن الدولة اتهم أبو عيسى بـ “المس بكرامة الملك”.
وأشارت المنظمة إلى أن “هذه التهمة من اتهامات أخرى قائمة بموجب المادة 195 من القانون الجنائي الأردني تخص التعرض للذات الملكية، وهي المادة التي تفرض عقوبات بالسجن تتراوح بين عام وثلاثة أعوام.
“كما اتهم الادعاء أبو عيسى بإحراق ممتلكات عامة، على حد قول شخص لـ هيومن رايتس ووتش، وكان قد تحدث إلى أبو عيسى. هذه الجريمة يُعاقب عليها بموجب المواد 368 إلى 375 من القانون الجنائي بالأشغال الشاقة”.
وأضافت “هيومن رايتس” أن محكمة أمن الدولة، وهي محكمة استثنائية يهيمن عليها قضاة ومسؤولي ادعاء معينين من القوات المسلحة الأردنية ويرأسها الملك، قامت في كانون الأول 2011 باحتجاز واتهام أبو عيسى بالمس بالذات الملكية بعد أن ردد هتافات رأوا أنها مهينة للملك، أثناء تظاهرة في مادبا تضامناً مع ناشط شاب آخر، هو عبد الله محادين، وتم توقيف محادين بعد مظاهرة في عمان” وحوكم محادين في محكمة مدنية، فيما بقيت قضية أبو عيسى قائمة في محكمة أمن الدولة.
ووثقت هيومن رايتس ووتش عدة حالات للملاحقات القضائية على خلفية المس بالذات الملكية ضد أفراد عبروا عن آراء قيل إنها مهينة للملك، منها آراء تم التعبير عنها في محل حلاقة، وأثناء حملة دعاية انتخابية، ومن شخص لزميله، وفي قصيدة نُشرت على موقع فيسبوك، وفي مواقع إنترنت أخرى.
ونقلت المنظمة عن والد عدي أبو عيسى قوله إن اعتقاله الأول أدى لمشاكل كبيرة إذ فاته حضور اختباراته الدراسية نتيجة للاعتقال.
وعندما قام أحمد مطارنة، الموظف السابق في أمانة عمان، بإضرام النار بجسده احتجاجا على ظروفه المعيشية الفقيرة، تأثر أبو عيسى كثيراً، على حد قول نشطاء زملاء له.
وقام والد أبو عيسى بزيارة ابنه في سجن الموقر 1 في 13 و17 كانون الثاني، وقال لـ”هيومن رايتس ووتش” إنه رأى علامات على جسد ابنه نتيجة للضرب على يد الشرطة في مديرية شرطة مادبا في 11 يناير/كانون الثاني. وقام ممثل عن المركز الوطني لحقوق الإنسان بزيارة أبو عيسى في السجن.
وأوضحت “هيومن رايتس ووتش” “ليس من الواضح بعد إن كان أبو عيسى قد تقدم بشكوى بالمعاملة السيئة وإن كانت السلطات القضائية قد فتحت تحقيقاً في هذه المسألة”.
وذكرت المنظمة أن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، المسؤولة عن إصدار التفسيرات للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، قامت في آب الماضي بإصدار تعليق عام جديداً على المادة 19: “مجرد أن الآراء المعبر عنها تعتبر مهينة لشخصية عامة، فهذا لا يكفي لتبرير فرض عقوبات”. انتهت اللجنة إلى أن: “في كل الحالات، يجب أن يقتصر تطبيق القانون الجنائي على الحالات الأكثر جسامة [الآراء الخطيرة] وليست عقوبة الحبس على هذه المخالفة بالعقوبة الملائمة على الإطلاق”.
“وفي أيلول وقع الملك عبد الله على قانون بتعديلات دستورية تقيد من اختصاص محاكم أمن الدولة على المدنيين، إلى أربعة أنواع من المخالفات: الخيانة العظمى والتجسس والإرهاب والإتجار بالمخدرات، لكن هناك مهلة بثلاث سنوات قبل بدء نفاذ هذه التعديلات. كما صوت نواب البرلمان على رفض مقترحات بإلغاء أي اختصاص قضائي على المدنيين لصالح محكمة أمن الدولة”، وفقا لتقرير المنظمة.
وتعارض هيومن رايتس ووتش أي اختصاص قضائي على المدنيين لمحاكم أمن الدولة على أساس أنها محاكم استثنائية وتميل للمساس بحقوق المحاكمة العادلة، للمتهمين على ذمة الحفاظ على مصالح أمن الدولة.
للاطلاع على تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش”:
“الأردن: يجب سحب اتهام “المس بكرامة الملك