عند موسى واحمد المسرح مختلف تماما، فلا تنتظروا ستارة تفتح لتكشف عن ممثلين حفظوا ادوارهم، وتعب في توجيههمالمخرج، هم نحن، يعرفون احلامنا، ويعرفون ما يدور في خلدنا.
عند احمد وموسى المسرح مفتوح على جرحنا، وفي هذه المرة كان مسرحهم بحجم الحياة، وطعم الربيع.
ولانه فقط موسى حجازين القريب من نبض الناس، وسحنته تشبههم تماما، ووجعهم يعرفه عن قرب منذ كان طفلا في شوارع السماكية، كما يعرف خيال احلامهم، وطموحاتهم بحياة محترمة، وكرامة تحفظ انسانيتهم، نجح الفنان الكوميدي عندما اخرج كل ما في داخله من ابداع في اعادة المواطن الاردني الى المسرح بعد هجره لعدة سنوات.
ولانه فقط احمد الزعبي، الكاتب الساخر حد الوجع، نفض الغبار عن تلال الفساد الذي عسكر فينا، فغرف من وعاء ضمير 300 مليون عربي، استيقظوا ذات يوم على صحوة عربية بعد بيات شتوي استمر 40 عاما، وليستمعوا الى احد حكامهم وهو يصارح شعبه بعد حكم استمر نحو 20 عاما، الان فهمتكم…ويا ليته لم يفهم.
بخلطة غريبة، وجرأة صاغتها الجماهير في الشوارع العربية، جاءت تجربة المسرح السياسي بنص للكاتب الساخر احمد الزعبي، ووقفات ابداع على المسرح للفنان الشامل موسى حجازين، ولمسات فنية راقية للمخرج
محمد الضمور كان عوامل مهمة في جذب المواطن، لمسرحية “الان فهمتكم”.
فجنبات المسرح تمتليء يوميا بالجمهور من مختلف الفئات العمرية ومختلف طبقات المجتمع، حتى ان البعض يردد بفخر واعتزاز هذه ليست اول مرة اشاهد المسرحية.
في الدول المتقدمة يجهز الشخص نفسه، ويلغي اي ارتباط لديه ليذهب الى المسرح مع اسرته، ويخصص يوم في الاسبوع لممارسة هذا الطقس الابداعي.
ولعل عنوان المسرحية المقتبس من خطاب الرئيس التونسي المخلوع الان فهمتكم ومضمونها الذي يتحدث عن الثورات العربية وعلاقة الشعب برئيسه من خلال اسرة ابوصقر, حيث يشكل ابو صقر القائد، والام هي الوطن والاولاد هم الشعب. لم يستطع الاب فهم مطالب ابناءه الا بعد أن اعلنوا العصيان عليه الام (الوطن ) حاولت ان تلعب دور الوسيط في اصلاح الخلاف بين الطرفين لكنها لم تنجح.
تتسم المسرحية كما وصفها موسى حجازين بسقفها العالي، قائلا نحن في الاردن نشهد حرية سقفها السماء، ويتجلى ذلك واضحا من خلال حضور جلالة الملك عبدالله والملكة رانيا – حفظهما الله – للعرض المسرحي وتفاعل جلالته مع العرض من خلال ضحكات ارتسمت على وجهه.
ولم يغفل حجازين لدغ الحكومات المتعاقبة والتشكيل الحكومي الذي يكون لصالح المعارف والاصدقاء، على حساب الكفاءة والخبرات كما اوضح حجازين انها جوائز الترضية (وتوزيع المناصب) لمن لا يحالفه الحظ في الوزارة.
.. شكرا موسى حجازين، احمد الزعبي ، محمد الضمور، ابدعتوا وفهمناكم.