ما يحدث في سورية لا يهم سورية وحدها، فهو يشكل نقطة تحول حاسمة في المشرق العربي بأسره، فمصير الربيع العربي في بلدان الهلال الخصيب، يتقرر على ضوء مصير سورية وحراكها المستمر منذ عشرة أشهر.
توصف الثورة السورية بوصفين متناقضين حسب الجهة التي تصدر الأحكام، فهي (ثورة تقدمية) في نظر البعض، هدفها الحرية والديمقراطية والتعددية والتخلص من الحكم الشمولي الوراثي. وفي نظر البعض الآخر (ثورة مضادة) مدفوعة بمصالح ومخططات خارجية هدفها تحطيم سوريا كقوة عربية كما تم تحطيم العراق لمصلحة إسرائيل، ولتمريرمشروع الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة، تمهيداً لتقسيم المقسّم وإدخاله في بيت الطاعة.
لا نجزم باختيار أحد الوصفين لثورة سورية، فما يهمنا هو الاستعداد للنتائج، لأن ما يحدث في سوريا سوف يعيد رسم الخارطة السياسية في الأردن ولبنان وفلسطين.
ما نتمناه أن تلتقي الأطراف في منتصف الطريق، وأن يتم إصلاح النظام وليس إسقاطه، خاصة بعد أن التزم بإصلاحات سياسية محددة ومواعيد زمنية تفضي إلى انتخابات نيابية ورئاسية تحت رقابة عربية ودولية، يحتكم فيها الجميع إلى صناديق الاقتراع.
خلاف ذلك فإن الدمار السياسي والاقتصادي والأمني ينتظر سوريا، فإذا هزمت الثورة تصلب النظام وأصبحت الديمقراطية من رابع المستحيلات، وإذا هزم النظام فإن البديل هو الإخوان المسلمون الذين يريدون الوصول إلى السلطة ولو كان الثمن استدعاء دبابات مجلس الأمن وطائرات حلف الأطلسي بحجة حماية المدنيين، مما يدمر سوريا ويعيدها إلى عصر ما قبل الصناعة.
الإخوان في الأردن بانتظار النتيجة، وخطتهم إبقاء الحراك حياً عند المستوى الذي يؤمن الاستمرارية ويؤجل الاصطدام مع النظام إلى أن تأتي اللحظة الحاسمة بوصول الإخوان في سوريا إلى السلطة.
ماذا لو وصل الإخوان إلى السلطة؟ أغلب الظن أن السماء لن تسقط على الأرض، وإن الشمس ستظل تشرق صباحاً وتغرب مساءً ولكن من حقنا في هذه الحالة أن نعرف سلفاً : هل سيصبح الحجاب إلزامياً في الأماكن العامة، وهل سيتم عزل النساء عن الرجال في الوزارات والمؤسسات، وهل سيتم تحريم الكحول صناعةً واستيراداً وبيعاً واستهلاكاً، وهل يستمر الترويج للسياحة، وما مصير البنوك (الربوية)، وهل يتم تسديد فوائد القروض المحلية والأجنبية في مواعيدها.