الملك كان مرتاحاً جداً، هكذا تقرأ وجهه في البيت الابيض، اذ يصرح للصحفيين هو والرئيس الامريكي اوباما عصر الثلاثاء،وهو ذات الاستنتاج الذي تخرج به،بعد جلوسنا مع الملك في مقر اقامته في واشنطن ايضا،لنستمع منه ويستمع منا،في كلام لايخلو من التلقائية والمكاشفة.
اذ نذهب الى البيت الابيض،ونعبر اجراءات التفتيش،وننتظر لساعة واكثر،في غرفة الصحفيين،قبل ان ندخل مكتب الرئيس الامريكي،تسأل نفسك عن كل هذا الكذب الذي يراد تصديره الى الاردن،خمسة معارضين وقفوا قليلا عند البيت الابيض،واحدهم سعودي الجنسية،قدموا بعد اسابيع من التحشيد لاجل مظاهرة جاءت فاشلة بكل المعاني.
في عمان يظن بعضنا ان هناك معارضة اردنية في الخارج،فأين هي؟ ولم لم تنجح الا في حشد اربعة اردنيين من اصل عشرات الاف الاردنيين في الولايات المتحدة؟ ومقابلهم احتشد ثلاثة قرب البرلمان البريطاني،لذات القصة،اي ان كل القصة زوبعة في فنجان،,ونفخ في الرماد،واقلاق للداخل الاردني الذي ُيجرّم ويحرّم فكرة الاتصال مع الخارج.
الرئيس الامريكي في مكتبه بالبيت الابيض،والى يمينه الملك،يعلن كل الدعم للاردن،بكل مافي الكلام من معنى،وتسمع من ذات الملك ارتياحه لهذا الدعم،والكلام الذي قيل للملك داخل اللقاء المغلق،كان بذات اللغة الداعمة المعلنة عبر الاعلام،ولم يتعرض الاردن الى اي نقد على سياساته،بل تقدير واضح لاصلاحاته،حتى لا يأتي من يقول ان الاردن عوتب بشأن عملية الاصلاح،والواضح ان واشنطن تفهم حساسية موقع الاردن،ولاتضعه ضمن سلسلة دول الربيع العربي التي يتوالى سقوطها.
سألت الملك بعد ساعات،من استماعنا مباشرة لتصريحاته واوباما في البيت الابيض،في مقر اقامته،بحضور الملكة وولي العهد ورئيس الوزراء وبعض الوزراء،عما اذا كان الرئيس الامريكي يشعر ان الاردن غير مستقر او مضطرب،فرد الملك على سؤالي ان الادارة الامريكية التزمت بدعم كامل للاردن،وان العلاقات مع واشنطن علاقات استراتيجية،وان واشنطن تنظر الى الاصلاحات في الاردن باعتبارها متقدمة على دول اخرى، مشيرا الى ان اوباما ابدى ارتياحه لما يفعله الاردن،وان المسؤولين الامريكيين يعرفون ماذا يجري على الارض في المنطقة.
الملك خلال الحوار معه رد على قضايا كثيرة اثيرت،حول وضع الاردن والاصلاح السياسي وملفات الفساد ووضع الاعلام ومعنويات الناس،والمستقبل وطبيعة الحراكات،وملف الانتخابات النيابية والبلدية،والهم الاقتصادي،والوضع في المنطقة،على جبهات سوريا وفلسطين،ومايخططه الاردن للعام الجاري،وتتأثر اذ يتحدث الملك بكل صبر عمن يتطاولون بلسانهم عليه قائلا انه يعرف من يحرك الذين يقومون بالاساءة له ولاهله، قائلا “يسبون علي وعلى اهلي” ملمحا الى قضايا كبيرة سيتم الاعلان عنها بشأن الفساد عما قريب.
قلت للملك اننا بحاجة الى مبادرة وطنية ترفع معنويات الناس،او الى مشروع وطني كبير يجمع الناس،والملكة تسأل عما اقترح في هذا الاطار،وقبل الاجابة يجيب الملك ان علينا ان نركز على معنى هويتنا الاردنية ووحدتنا وماتعنيه هذه الهوية لنا جميعا، ومعنى ان يكون المرء اردنيا في كل تصرفاته، ليضيف ان حراكات الناس ليست محل طعن في الاردن، وان من حق الناس ان يعبروا عن رأيهم.
الملك خلال اللقاء كان متفائلا للغاية،واذ يكشف لنا ان له زيارة قريبة الى السعودية،وقد يذهب الى ليبيا، من اجل مصلحة الاردن،وان الاردن يقدر كثيرا دعم السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي،مستذكرا كيف اساءت بعض التعبيرات الاعلامية لدول الخليج، التي قالت ان المستثمرين من الخليج يسرقون البلد،قائلا ان امراء وشيوخا خليجيين يشعرون بمرارة جراء الاساءة لهم ولدولهم، اذ يستثمرون في الاردن، فيتم مس سمعتهم باعتبارهم يسرقون،قال الملك الكلام بكل اسف ومرارة.
الاردن ليس واقفا في طابور دول الربيع العربي،هذا ماتستنتجه مما قيل للملك في الاجتماع المغلق مع اوباما،وماتقرأه من وجه الملك وكلامه لنا،والواضح ان الملك يعرف جيدا ان ما هو أهم هو معادلة الداخل الاردني التي هي الاولى بالنسبة له، قبل اي دعم عربي او دولي لمؤسسة الحكم في الاردن، ولوضع الاردن وشعبه.
ماقيل للملك سرا داخل البيت الابيض،هو ذاته ماقيل امام الملك علنا.
الدستور