جعفر دغلس
الإصلاح نيوز- خاص- نابلس/
يساور القلق عائلة المواطن أحمد دغلس في بلدة برقة قرب نابلس حيال مصير ابنها المهندس جعفر الذي اعتقلته أجهزة الأمن في دولة الإمارات العربية المتحدة قبل ثلاثة أسابيع.
وقالت مصادرٌ من العائلة أن سجون الإمارات تلقفت جعفر أحمد رؤوف دغلس بعد فترةٍ وجيزةٍ من عودته إليها قادماً من الأردن التي زارها لإتمام زواجٍ قدَّر الله له أن يؤجل أيضاً.
ومنذ العام 2006، وقفت إصابةٌ خطيرةٌ برصاص الفلتان في الضفة الغربية، ومنع خطيبته من السفر لإتمام الزواج كعقبتين في حياة الشاب الفلسطيني جعفر، قبل أن يكتمل ثالوث البؤس باعتقاله لدى دولة الإمارات.
،بداية الرحلة
وتمثل حكاية جعفر دغلس نموذجاً واقعياً لحال الشباب الفلسطيني في الضفة الغربية، فخلف رحلاتٍ تجوب الأرض تعلقاً بالمستقبل الموعود، تكمن مفاجآتٌ وعقباتٌ ليست لدى الكثيرين في وارد الحسبان.
البداية كانت هنا في بلدة برقة، كان جعفر علماً يشار له بالبنان بين أقرانه، فالفتى الذي ولد في الكويت عام 1984 أظهر عند عودته مع عائلته للضفة الغربية قدراتٍ كبيرةً تنبيء بمستقبلٍ عظيمٍ.
ويقول أحد المعلمين في مدارس برقة التي تخرج منها جعفر أنه كان يعلم أن مستقبلاً كبيراً ينتظر دغلس بالنظر لذكائه الشديد ومثابرته وما يمتلك من إمكاناتٍ عقليةٍ وإدراكيةٍ أهلته لتجاوز امتحان الثانوية العامة _ الدرجة الدراسية الأولى في فلسطين _ في العام 2003 بمعدلٍ تجاوز الـ94% ليلتحق بكلية الهندسة بجامعة النجاح الوطنية.
أما والدته فقالت أن جعفر طالما كان مثالاً للابن البار لوالديه والمواطن الصالح في مجتمعه، فلم يعهد عليه أحدٌ غير حسن السيرة ونقاء السريرة.
إصابة حرجة
ظهر اسم جعفر دغلس في الإعلام للمرة الأولى يوم تعرض لإصابةٍ خطيرةٍ برصاص مجهولين خلال أحداث الفلتان الأمني الذي عم الضفة الغربية في العام 2006، حيث اضطر لملازمة الفراش عدة أشهر قبل أن يتماثل للشفاء.
وفي روايات شهود عيانٍ فإن مسلحين أطلقوا النار صوب جعفر أثناء عودته إلى بيته بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية ليلاً، فأصيب بثلاث رصاصاتٍ قطعت الوريد الرئيسي وأدت إلى معاناته من نزيفٍ داخليٍ.
مكث جعفر في غيبوبةٍ مدة 16 يوماً، وقد عولج في الأيام الثلاثه الأولى في مستشفيات نابلس، قبل أن يحوله الأطباء للمستشفيات الإسرائيلية الأكثر تأهيلاً للتعامل مع خطورة حالته.
ورغم عدم تماثله الكامل للشفاء أبى جعفر إلا أن يستمر في دراسته الجامعية، فعاد لمقاعد الدراسة وأنهى الفصلين الذين كانا يفصلانه عن التخرج بمعدل فاق ال85% لكلٍ منهما.
وخلال دراسته الجامعية كان جعفر طالباً شديد النشاط والحيوية، يتشبث بطموحٍ كبيرٍ لإكمال دراساته العليا، وبعد تخرجه في العام 2008 حصل على منحةٍ للدراسة في المعهد البترولي بدولة الإمارات العربية المتحدة وحصل منها على شهادة الماجستر بتفوقٍ أيضاً.
فرح مؤجل
تجاوز جعفر تماماً عقبة الإصابة، وحصل في العام 2011 على وظيفةٍ في إحدى الشركات المتخصصة بالبترول في الإمارات، فبدأ مشوار بناء حياته العائلية وارتبط بفلسطينيةٍ من منطقة جنين وأتما الخطبة لكنهما لم يتزوجا بعد.
كانت الأمور تسير على ما يرام نهايات العام الماضي عندما توجه جعفر من الإمارات للأردن ليتم زواجه، لكن دولة الاحتلال كانت هذه المرة بعد رصاص الفلتان لفرحته بالمرصاد.
وتقول مصادرٌ من عائلته أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي منعت في شهر تشرين الثاني الماضي خطيبته من السفر إلى الأردن مما أدى إلى عدم استكمال مراسم الزواج.
سجون الإمارات
قفل جعفر عائداً إلى الإمارات بعدما حرمه الاحتلال من الزواج في الأردن، لكن ما كان ينتظره في تلك البلد لم يكن أفضل حالاً.
فبتاريخ 29122011، قامت أجهزة الأمن الإماراتية باستدعائه، ليحول بعد امتثاله لها إلى الاعتقال الذي لا تزال فصوله مستمرةً حتى ساعة إعداد هذا التقرير.
لم تدل أجهزة أمن الإمارات بأي معلومةٍ حول مكان اعتقال المهندس دغلس أو أسباب ذلك الاعتقال، غير أن مصادر صحفيةٍ أكدت أن دغلس مطلوب لأجهزة الأمن الفلسطينية منذ عام 2008 بتهمٍ متعلقةٍ بصلاته الإعلامية بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الضفة الغربية، مرجحةً أن تكون السلطة الفلسطينية طلبت من الإمارات اعتقال المهندس دغلس والتحقيق معه حول هذه القضايا.
وأشارت المصادر إلى أن دغلس تعرض طوال أربعة شهور ماضية للتحقيق والاستجواب عدة مرات على يد جهاز المخابرات الإماراتية في أبو ظبي حول ذات الخلفية، وكان يخلى سبيله عقب كل جولة تحقيق.
مناشدات
بدورهما عبر والدا المهندس دغلس عن استيائهما الشديد من مواصلة اعتقاله من قبل السلطات الإماراتية مبديين قلقهما على حالته الصحية بسبب الإصابة التي كان تعرض لها قبل سفره.
وفي اتصالاتٍ هاتفيةٍ مع وسائل الإعلام المختلفة، ناشد الوالدان دولة الإمارات ممثلةً بأميرها وحكومتها ودوائر أمنها لإطلاق سراح جعفر قائلين أنه غادر إلى الإمارات بحثاً عن فرصة عملٍ أفضل.
وهذا وتتواصل ردود الأفعال المنددة باعتقال الصحفي دغلس حيث عبرت عدة مؤسساتٍ قانونيةٍ وإنسانيةٍ عن استيائها الشديد لمواصلة اعتقاله، فيما شهدت صفحة التضامن معه والتي أطلقها نشطاء شبابيون على صفحة التواصل الإجتماعي “فيس بوك” المزيد من المشاركات من قبل شبابٍ عربٍ ومهندسين للمطالبة بتحريره.