الإصلاح نيوز-،خاص/هي نوع جديد من فضائح الكالتشو، لكن هذه المرة باسلوب مختلف، ليس تكراراً للكالتشوبولي التي ما تزال تهز الكرة الإيطالية وعشاقها إلى الآن، بل قضية تكاد تشبه فضائح مطلع الثمانينات، التي كان من أبرز ضحاياها وقتها لاعب أصبح فيما بعد أسطورة إيطالية، باولو روسي…
هي قصة إبريق الزيت التي لا تكاد تُسدل الستارة على إحدى فصولها، حتى يطفو على السطح فصل آخر وقصة أخرى.
لكن هذه المرة، القصة جديدة، وفريدة من نوعها. ففي فيديو “غريب” بثّته قناة سكاي الإيطالية – المتمركزة في ميلانو – يظهر حارس مرمى نادي نابولي، مورغان دي سانتيس ممتعضاً بشكل واضح ومثير للجدل بعد تسجيل زميله في الفريق إدينسون كافاني لهدفه الثالث في لقاء ليتشي، بتاريخ 3 كانون أول/ديسمبر 2011، والهدف الرابع لنابولي في المباراة التي انتهت بنتيجة 4-2 لنابولي.
لا يُقصد الإساءة لدي سانتيس أو اتهامه بأي شيء، لكن بمجرد مشاهدة هذا الفيديو لا يستطيع المرء إلا أن يفكر بالسبب وراء عدم رضا الحارس عن تسجيل فريقه لهدف رابع، والجدير بالذكر أن ذلك الهدف كان واحد من أجمل أهداف تلك المرحلة، سجله كافاني بعد تمريرة ممتازة من لافيتزي في الدقيقة 82 من زمن المباراة. وأول ما قد يخطر على بال أي أحد يشاهد الفيديو هو قضية المراهنات التي تكاد لا تنتهي في إيطاليا.
من الملفت في الفيديو أيضاً، هو لقطة تظهر لوكاريللي، مهاجم نابولي المعار من بارما، يتحدث مع بابلو كانافارو على دكة الاحتياط وهو يردّد عبارة كانت واضحة للكاميرا “لا زال هناك 7 أو 8 دقائق”.
لقطة لكريستيانو لوكاريللي من الفيديو قبل الحذف
يذكر أن قضية المراهنات ليست جديدة في إيطاليا بل لم يسكّر آخر ملفاتها منذ فترة طويلة! فقد كشف المحققون منذ فترة عن تورط عدد كبير من اللاعبين بالتلاعب بنتائج عدد من المباريات وذلك بحسب ما ذكرته إدارة التحقيقات في كريمونا، وكانت الشرطة الإيطالية قد ألقت القبض على ما يقارب 20 شخصاً على خلفية المراهنات التي رجح المحققون أن قاعدتها في سنغافورة، مع وجود مراكز دعم لها في دول شرق أوروبا.
ورجحت تقارير إعلامية إيطالية وجود علاقات بين عصابة “كامورا” التابعة للمافيا في نابولي، ومكاتب المراهنات في سنغافورة، للمراهنة على مباريات تمكّنوا من التلاعب بنتائجها عبر تقديم رشوة للاعبين.
وأكدت وسائل الإعلام الإيطالية أن ثلاث مباريات من الموسم الماضي، جمعت لاتسيو مع جنوى ولاتسيو مع ليتشي وباليرمو مع باري، ربما تم التلاعب بنتيجتها، الأمر الذي أكده اللاعب كارلو جيرفازوني أمام روبرتو دي مارتينو مسؤول النيابة في كريمونا.
وكان قد تم اعتقال جيرفازوني إلى جانب 16 شخصاً آخرين, قبيل إجازة عيد الميلاد.
كما ألقي القبض على كريستيانو دوني (38 عاماً) القائد السابق لنادي أتالانتا ولويجي سارتور (36 عاماً) اللاعب السابق لأندية بارما وإنتر ميلانو وروما، مع مراهنين آخرين، وخمسة من لاعبي كرة القدم الحاليين.
وجاءت حملة الاعتقالات بناءً على التحقيقات التي بدأت في كريمونا في حزيران/يونيو الماضي، حيث تورط في القضية آنذاك دوني وجوزيبي سينيوري اللاعب الدولي السابق، و14 شخصاً آخرين في المراهنة على مباريات نجحوا في التلاعب بنتائجها.
وقال روبرتو مارتينو المدّعي العام في كريمونا أنّ التحقيقات لم تنته بعد. وأضاف “نأمل أن تكون التحقيقات بدايةً جيدةً لتنظيف اللعبة الجميلة، وهي كرة القدم، الاعتقالات كانت ضرورية في ظل استمرار عمليات التلاعب بنتائج المباريات” مشيراً إلى أن تحقيقاً جديداً سيبدأ من خلال محاولة التلاعب بنتيجة مباراة كأس إيطاليا بين تشيزنا وغوبيو في 30 تشرين الثاني/نوفمبر، ولكن المحاولة تم إحباطها من خلال رفض اللاعبين”.
ويبدو أن أليساندرو زامبريني، أحد لاعبي كرة القدم السابقين الذين تم اعتقالهم، عرض 200 ألف يورو (260 ألف دولار) على أربعة من لاعبي غوبيو للتلاعب بنتيجة المباراة، لكن المدافع سيمونى فارينا أبلغ الشرطة فتحول إلى رمز للنزاهة، ما دفع بلاتر إلى دعوته الى حفل الكرة الذهبية والمدرب الايطالي برانديلي دعاه أيضاً ليتدرب مع المنتخب في الموعد المقبل، لأن ما فعله ليس عادياً في أيامنا هذه …
وأوضح دي مارتينو أن التعاون مع الشرطة في كرواتيا وألمانيا وفنلندا والمجر، كان حاسماً خلال التحقيقات.
أيضاً تشمل التحقيقات التي يجريها الإنتربول، ويلسون راغ بيرومال، وهو رجل سنغافوري محتجز حالياً على خلفية تورطه في التلاعب بنتائج مباريات في فنلندا.
وبالعودة لموضوع دي سانتيس، من الملفت أن هذا الفيديو قد تم حذفه وعدم التعرض له من قريب أو من بعيد من قبل وسائل الإعلام الإيطالية. الأمر الذي يثير الجدل أكثر من تصرف دي سانتيس نفسه، ويطرح مجدداً علامات الاستفهام حول الإعلام والقضاء في إيطاليا وعن كيفية التعاطي مع مثل هذه الأمور.
لحظة غضب دي سانتيس من الفيديو قبل حذفه
فمنذ فترة وجيزة، طفت أسماء ثلاثة لاعبين بارزين على السطح في قضية التحقيقات المتعلقة بشأن فضيحة “الكالتشوبولي” التي تم التحقيق فيها عام 2006، هم حارس مرمى نادي يوفنتوس جانلويجي بوفون واللاعبين جينارو غاتوزو وفابيو كانافارو.
وكان سبب وراء ورود اسمائهم أن تسجيلاً لأحد المتهمين في القضية ذكر فيه أسماء اللاعبين الثلاثة الذين توجوا بكأس العالم 2006 في ألمانيا، ووصفهم المتحدث في التسجيل، وهو نيكولا سانتوني مدرب اللياقة في نادي رافينا، بأنهم “مجانين”.
وقال سانتوني في التسجيل أن الثلاثي المشتبه به كان يعشق الرهانات ويدفع أموالاً طائلة حيال ذلك، لكن الأمر لم يحدث أية مشكلة للاعبين الثلاثة حيث لم يبرز أي تصرف غير قانوني فيما يخص المراهنة، أضف إلى ذلك أنه تم التحقيق قبل ذلك مع بوفون وكانافارو وكان ذلك مباشرة بعد كأس العالم.
واللافت في الموضوع أنه تم الاستماع لشقيق فابيو، باولو قائد نابولي لمعرفة إلى أي حد عصابات الكامورا متدخلة في نابولي بعدما شوهد أحد أبناء أبرز زعمائها على أرض سان باولو يتابع مباراة نابولي مع بارما… يبدو لمن يقرأ أن القصة لا تنتهي، هي كذلك فعلاً، قد لا تكون فقط إبريقاً للزيت، بل برميلاً كاملاً لما تتضمنه كل يوم من مفاجآت جديدة، فكلما اعتقد البعض أنه أغلق فيها باباً تفتح له أبواب وأبواب … لكن هناك سؤال يخطر في البال بالعودة الى فيديو دى سانتيس، ماذا لو كانت ردة الفعل هذه والتي شاهدها الملايين، صادرة عن حارس آخر اسمه بوفون مثلا ؟! أعتقد أن الإجابة يعرفها الجميع، لكنها إيطاليا وعلى الأرجح ستبقى كذلك.