من الجيد ما يحدث في الأردن من تقنين وتحسين لموضوع التعامل الرسمي مع الإعلام، فهناك ناطق باسم الحكومة ولكل وزارة أو دائرة مهمة ناطق إعلامي ومعظمهم يتعامل بجدية وبسرعة مع متطلبات الإعلام. ولدى بعض الناطقين الإعلاميين مواقع على شبكة التواصل الاجتماعي ومن الممكن التعامل السلس معهم والحصول على تعليقات منهم على خبر أو موضوع بحاجة إلى معلومات.
ورغم هذا التحسن الملحوظ في شبكة الناطقين الرسمين إلا أنه يلاحظ بين الحين والآخر فهم مغلوط لدور ومهام وطبيعة عمل الناطق الرسمي. فهناك المزاجية في التعامل وهناك غياب العمل المؤسساتي والعمق الوظيفي. ففي حين أن الإعلام يعمل على مدار الساعة فلا يوجد في الغالب أي بدائل أو مساعد للناطقين الرسميين وكأن الناطق يجب أن يعمل على مدار الساعة ولا يحق له أو لها ،الراحة.
أما موضوع المزاجية فحدث ولا حرج. فهناك من يتجاوب بسرعة البرق مع جهات إعلامية معينة، فيما يبدو أن بعضهم الآخر يعملون في وسائل إعلام معينة، حيث يقومون بإعادة نشر أخبار موقع معين دون غيره؟
ومنهم من يعتقد أن كونه ناطقا حكوميا يعطيه/ها الحق بمحاباة البعض وتجاهل الآخر بدلا من العمل المؤسساتي في توفير المعلومة لكل إعلامي أو جهه إعلامية معتمدة.
من الطبيعي أن التعامل بمسافة متساوية مع كل الإعلاميين ووسائل الإعلام سيؤدي إلى نتائج مختلفة. فالحرية الإعلامية المتوفرة في الأردن خلقت وسائل إعلام متنوعة من حيث الشكل والمضمون والتوجه الإعلامي والفكري. فهناك من يعشق الخبر المحلي وهناك من يعطي أولوية للخبر العربي أو الدولي. وهناك إعلامي قطري ووطني وهناك إعلامي محلي ومجتمعي. أضف إلى ذلك الاختلاف في البنية والتوجه بين الإعلام التجاري والإعلامي المجتمعي.
هذا الاختلاف يعني بالضرورة أن تعامل وسيلتي إعلام مع نقس المعلومة قد يختلف، فمن الممكن أن إعلام شبابي سيعطي أولوية للخبر الشبابي وإعلام رسمي سيعطي الأولوية لما هو رسمي.
وفي المقابل فإن تفهم الخارطة الإعلامية وتقبل الاختلاف والتنوع يعني أن الناطق الإعلامي يجب أن يتعامل بصورة متوازية معها دون توقع أن تقوم كل وسائل الإعلام بإعطاء حيز متساوي لتصريحات الناطق. وليس من المنطق أن ينزعج الناطق إذا لم يتم إعطاء تصريجاته الأولوية أو تم التقليل من مساحتها ضمن خبر أو تعليق معين.
ولكن التعامل المختلف مع تصريح الناطق لا يعني أنه يحق للإعلامي، تغيير مضمون أي تصريح أو تجاهله كليا خاصة إن كان يتضمن معلومات تفيد الجمهور.
إن أسس الإعلام الحديث هو التنوع وفي نفس الوقت الحياد. لا بأس أن تكون لوسيلة إعلام وجهة نظر ولكن لا يحق لها الابتعاد عن الصدق وإخفاء معلومات مهمة. وفي نفس الوقت فالإعلام يتطلب وجود مكان هام للناطقين الرسمين ولكن دون إعطائهم دور المحرر أو الصحفي. فالصحفي له دور والناطق له/ها دور ومن الضرورة للطرفين إيجاد أرضية مشتركة للتعاون وذلك على أسس مهنية صرفة.
*مديرعام راديو البلد وموقع “عمان نت”