،ما يزال الاعلام الرسمي يعاني من اختلالات مهنية وادارية عز نظيرها في ظل حاجة ملحة لوجوده كذراع قوي من اذرع الدولة الاصلاحية.
فمن تلفزيون رسمي يشهد غيابا منقطع النظير عن ما يدور على ساحة الوطن، بحكم انه بات مثقلا بهمومه التي لا تتعدى اسوار المؤسسة ، بفعل عوامل متعددة ابرزها هجرة كفاءاته وتدني مستوى دخول موظفيه ، الامر الذي بات يشغل جل تفكيرهم .. الى دائرة المطبوعات والنشر التي وفق مطلعون لا يتعدى دورها حاليا اصدار التراخيص والموافقات .. الى هيئة اعلام مرئي ومسموع تراقب وترخص الفضائيات والاذاعات.. الى مجلس اعلى للاعلام يأخذ على عاتقه التدريس والتدريب.. الى صحف ورقية باتت تعاني من تراجع ملحوظ بحكم الثورة التكنولوجية وعصر السرعة .. وانتهاءا بمواقع الكترونية باتت كثرتها تحول دون حفظ اسمائها والمفاضلة بينها.
ان هذا التنوع الاعلامي ليس سلبياً .. بل هو تقدم نوعي ، غير ان تنظيم عمل هذه الوسائل ما يزال يفتقد الى المنهجية الواضحة .. وبات الاعلام الذي يعد سلطة رقابية بحاجة الى من يراقب حسن ادائه في ظل التناحر على الاعلان من جهة وعدم تحري البعض للدقة والخروج عن نطاق الحرية المسؤولة واخلاقيات المهنة من جهة اخرى.
وهنا يبرز دور نقابة الصحفيين في المساءلة والالزام بقواعد وأخلاقيات المهنة ، كما تبرز الحاجة لايجاد مركز دراسات متخصص لقياس الراي العام بشأن ما تقدمه الوسائل الاعلامية من وجبات اخبارية وترفيهية واجتماعية وغيرها، لتتمكن من الانتشار والوصول الى اكبر شريحة ممكنة من الجمهور المستهدف من خلال ما تقدمه من وجبات تلبي احتياجاته لا العمل اعتباطاً.
ففي المناهج الجامعية المتعلقة بالصحافة والاعلام كان التركيز على الرسالة الاعلامية والهدف المبتغى منها.. بمعنى انه ينبغي ان يكون لكل وسيلة اعلامية رسالة وهدف.. غير ان التمييز بين الغث والسمين هذه الايام بات ليس سهلا اذا ما علمنا وجود اكثر من 200 موقع اخباري على الساحة الاردنية وسط قصور الاعلام الرسمي عن تلبية احتياجات الجمهور على اختلاف شرائحه .
وفي ظل غياب الاستطلاعات التي تجريها هذه الوسائل عن الرأي العام (جمهورها المستهدف) فان حالة من التزاحم الفكري باتت تشوب الجماهير المستهدفة بشأن الوسيلة الاكثر نجاعة ومهنية وصدقية.
ووفق مختصين ، فإنه بات لزاماً على الحكومة اعادة النظر بمفاهيم ومنهجيات عمل مؤسساتها الاعلامية لتواكب مستجدات العصر ، مثلما بات لزاماً على وسائل الاعلام الخاصة بمختلف اشكالها تلبية احتياجات جمهورها المستهدف استناداً الى منهج استطلاعي علمي ، يحدد رغبات واحتياجات الجمهور من جهة ، ويقف على مواطن الخلل في تلك الوسائل من جهة اخرى .. فالجمهور المستهدف هو الاول والاخير الذي يحدد نجاح او فشل اي وسيلة اعلامية ، وليس الحكومات او مالكي تلك الوسائل… غير ان حالة من تهميش الجمهور تكتنف مؤسسات الاعلام الاردني ما اعتبره اكاديميون بأنه ظاهرة ليست صحية تقود بالاعلام الى الانفصال عن روحه باعتبار ان الاعلام هو الجسد.