زمن الكتاتيب. . كان كلما صاح الشيخ على الأولاد بصوته الخشن وضرب خيزرانته على البساط وتناثر الغبار منها، ارتجف الصبي خوفاً من العقاب وفقد السيطرة على أعصابه وبلل ثيابه.. فيعود إلى بيته «مفاحجة» بسبب تأثير الرطوبة. وأثناء تبديله لسرواله المبلل، كان يشكو لذويه عصبية الشيخ وطول الخيزرانة.. فيهونون عليه الأمر، ويشجعونه على الذهاب ثانية؛ فما جرى هو واحد من أساسيات التعليم ليس إلا..
في اليوم التالي، يجلس الولد أمام الشيخ..وما ان يهوي الأخير بالخيزرانة على كتف أو رأس أحد الصغار..حتى يرتجف الصبي ويفقد السيطرة على أعصابه ويبلل ثيابه ويعود إلى البيت «مفاحجة» من جديد. .في اليوم الثالث نفس الشيء والرابع كذلك..أخيراً «فقعت» مع ولي أمر الصبي فذهب من الصباح الباكر إلى بيت الشيخ ثائراً غاضباً. .دفع باب مضافته بيده معاتباً :»حجّي. .احنا اعطيناك الولد تا تقرّيه..مش تخوّفه تا «تـ……ريه»… فذهبت مثلاً.
و نحن كذلك، الناس وافقت على الهيكلة «حتى تتحسن أوضاعها»..لا أن»تسوء ويلتعن سنسفيلها»..فكل عمليات التشجيع التي رافقت عملية «التخوف» من الهيكلة، وكل عمليات التهوين التي حاولنا ممارستها على المرعوبين من الحكومة، ضاعت سدىً عندما بلّلت الأسس «أحلام» بعض موظفي الدولة، الشيء الذي دعاهم أن يعودوا إلى واقعهم المرّ «مفاحجة»..
احتجاجات من المعلمين، من النقابات المهنية، فنقابة المهندسين:تهدد بالتصعيد، والأسنان : تعتبرها مخيبة للآمال. .هذا بالإضافة إلى بعض الشكاوى من موظفين حكوميين تم تخفيض علاوتهم الفنية حتى تقلص رواتبهم من 361 إلى 252 ديناراً بعد خدمة ربع قرن، ولعل أصوات التظلم الكثيرة التي ملأت الفضائيات والمواقع الالكترونية تعطي مؤشراً أن خللاً ما في الأسس المستخدمة في الهيكلة..أو في تقنية البرمجة.
كنا نعقد على «هيكلة الرواتب» آمالاً.. فوجدناها تزيد «الطين بلّة»..
***
غطيني يا كرمة العلي.. مش عارف منين نتلقاها: من خازوق الهيكلة ولا من هيكلة «الخازوق».
ahmedalzoubi@hotmail.com