مفارقات بالجملة كانت تتداعى مع انتهاء أعمال الاجتماع الوزاري العربي يوم أمس: تباين واضح بين تقرير بعثة المراقبين وبين بيان مجلس الجامعة المقتضب والمتردد والخجول.. ومسافة لغوية فاقعة بين منطوق البيان وبين تصريحات رئيس الوزراء القطري، ومشهدية شبه متنافرة، تفتقر الى الود، وتكاد تشي ببدء افتراق بين حمد الذي يبدو كأنه لايزال في أجواء تحريض ما قبل وصول البعثة الى دمشق، وبين -العربي- المتحفظ الذي بدا أنه كان يُفضل الصمت على التسرع بمجاراة الآخرين.
هل أسقط في يد قطر؟ و هل بات حمد في موقف لايُحسد عليه؟، وهل يمارس الهرب الى الأمام عندما يسمح لنفسه التحدث باسم السوريين؟، أم أنه يُدرك متأخراً أن البساط يُسحب، رويداً رويداً، من تحت قدميه، ولابد له إذاً من تقدم الصفوف والتحدث علناً كناطق رسمي باسم المسلحين والإرهابيين الذين افتضحت “سلميتهم”، وانهارت جبال أكاذيبهم، وانكشف إجرامهم، ولم يعد أمامهم إلا التعلق بأهداب من هو أفظع إجراماً وتواطؤاً وولوغاً في دماء السوريين.. حمد حارس بوابة الشر الذي كان يصيح بالويل والثبور لإرسال المراقبين، فإذا به أقصر أنفاساً من أن يتحملهم لأقل من أسبوعين.. يشكو ضعف مهنيتهم وقلة احترافهم، غير عابئ بإهدار شخصه وكرامته، حتى بدا وكأن فيلتمان أكثر حرصاً منه على الرصانة ورباطة الجأش.
لكأنه يندب حظه العاثر، وهو الذي خطط وحرّض وموّل ودفع وخدع وأغدق الوعود، فإذا به مهدد بخسارة معممة تكاد تُطيح بكل شيء.. بلى كل شيء، فالسقوط على أبواب دمشق سوف يفتح جردة حساب ثقيلة، ولو متأخرة، بالعام 2011، عام ربيعه المزعوم، فهنا سوف ينهض الشهداء من قبورهم، والمصابون من أسرتهم، والأيتام والثكالى من حزنهم، مطالبينه بفاتورة العمالة والدم، وهنا سوف يبدأ العد العكسي لتقديم شبكات الإجرام القاعدي والتكفيري والوهابي الى عدالة العروبة الحقة والضمائر الحية والتاريخ، وهنا سوف يُسجل الانتصار لعشرات الآلاف الذين قضوا خلف كاميرات الجزيرة، وفي معمعة الزمن الرديء، من ليبيا الى العراق مروراً بـ …!!.
كان حمد بائساً يبعث على الشفقة يوم أمس. بعض حثالة ومرتزقة مجلس اسطنبول كانوا يتمسحون على أعتاب “نخوته” في محيط الجامعة، وهم يهتفون لها بـ”.. السقوط”، فيما كان أحدهم يستذكر جبروت مبارك بكل الحسرة والحنين.
رجل المهام القذرة الذي لايُحب الفشل، والعميل المزدوج الذي يستمرئ اللعب على كل الخطوط.. يخشى أن ينظر تحت قدميه.. هوة مشرعة تُنذره بالسقوط.. يرفض الخسارة وهو لذلك مستعد لإغماد خنجره في ظهر “جامعته ومراقبيه”.
بسام هاشم – البعث