زهير عبد القادر
الفيسبوك وسيلة جيدة وأسلوب حضاري متطور للتواصل الأجتماعي بين الناس،وطريقة مثلى للتعرف على أصدقاء جدد من جميع أنحاء العالم والتواصل الدائم مع الأصدقاء القدامى…ظاهرة حضارية ممتازة ولكن…لكل شيء في هذا الزمان أيجابياته وسلبياته…وسأتطرق اليوم في هذه الخاطرة الى بعض السلبيات النفسية والأجتماعية للفيسبوك رغم أنني أعترف من البداية بأهمية ودور الفيسبوك في العالم فقد ساعد على تغيير نظم عربية وعزل رؤساء جمهوريات…
من متابعتي للفيسبوك وقبله لما يسمى (الشات) أستطعت ان أكتشف ان هناك مجموعة من الناس وفي كل أنحاء العالم أستطاعت بناء عالم وهمي يؤسس على الأحلام والأمنيات وينتهي بالأحباط والأكتئاب…أعرف من تجربتي ان هناك عددا كبيرا من المعلومات الشخصية على صفحات الفيسبوك من خيال أصحابها وأحلامهم …فكم من امرأة متقدمة في السن وضعت صورة شابة جميلة على صفحتها على أنها صورتها الشخصية وبدأت تدردش على مواقع الدردرشة والشات وتعطي معلومات مغلوطة عن نفسها وتقدم نفسها على أنها شابة في العشرينات طويلة القامة شقراء نحيفة وعيونها زرقاء او خضراء وهكذا…صورة مثالية كما تتمنى هي ان تكون….وتتعرف على الكثير من الشباب وهم طبعا من أعمار أبنائها…وبعد فترة من الزمن تدمن على الشات والفيسبوك وتكرر أوصافها موثقة بصورتها المثالية المنتحلة ويزيد اصدقائها ويكثر المعجبين ويتسع عالمها الوهمي…وتصدق نفسها…وماهي الا فترة من الزمن وينكشف امرها وتقع في صراع نفسي بين الخيال والواقع وتبدأ معاناتها مع الأكتئاب والأنعزال والوحدة فهي لاتستطيع العيش في عالم الأوهام وترفض البقاء في عالم الواقع…وكم من شاب في هذا العالم يعيش هذه الأوهام وينتحل المهن المختلفة…ويملك السيارات الفارهة…ويضع صورا كاذبة على صفحته ويدعي انها صورته الشخصية ويحمل أعلى الشهادات الجامعية …كل ذلك في عالم الأوهام…عالم الشات والفيسبوك الذي ينتهي به الى الواقع فيجد نفسه راسبا في التوجيهي وينتظر الباص للذهاب الى بيته المتواضع…
في دراسة عملية قمت بها اثناء وجودي في المانيا اكتشفت الكثير من هذه الحالات عند بعض الشباب والفتيات اللواتي يعانون من عقدة النقص وكبار السن من الجنسين. وأظهرت الدراسة ان البعض ينتحل شخصية الجنس الأخر فتجد امرأة مثلا في الشات او الفيسبوك بأسم رجل وتتكلم معك على انها رجل او تجد رجلا يتكلم معك على أساس انه انثى…
من هنا تأتي خطورة الفيسبوك او الشات عندما يدخل الأنسان عالم الخيال والأوهام ويبتعد عن واقعه وتزيد المسافة بين الخيال والواقع…وتبدأ معاناة الأحباط والأكتئاب والقلق النفسي والأدمان.
وأخيرا نستطيع القول ان فوائد الفيسبوك كثيرة اذا أحسنا أستخدامه واذا تميزنا بالمصداقية وأبتعدنا عن الخيال والكذب على أنفسنا وعلى الأخرين.صباح الخير.
zuhairjordan@yahoo.com