سميح بينوالإصلاح نيوز- وصف رئيس هيئة مكافحة الفساد سميح بينو الفساد بانه انتهاك لمبدأ النزاهة واعتداء على حقوق الغير و خطر يتهدد المجتمعات كافة، غنيها وفقيرها ولا يقتصر على شعب دون اخر مؤكدا ان تنامي اقتصاديات بعض الدول وخاصة المتقدمة منها وتشابك الحياة الاجتماعية وتضارب المصالح فيها .. ومع غيرها وكذلك تفشي الفقر والبطالة وانتشار الامية والتقدم العلمي ادى الى بروز صور جديدة من جرائم الفساد لم تكن معروفة في السابق.
واضاف في محاضرة القاها اليوم الثلاثاء في كلية الدفاع الوطني الملكية الاردنية أن الاردن كانت احدى الدول التي شاركت في إعداد وصياغة الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد ومن أوائل الدول التي وقعت وصادقت عليها ووضعتها حيز التنفيذ ، وسعت وما تزال الى مواءمة تشريعاتها بما ينسجم مع احكام هذه الاتفاقية.
وتناول صور الفساد بصيغها الجديدة ووفق معطيات التقدم العلمي وحصرها في الفساد الاداري المتمثل بالانحراف الوظيفي او التنظيمي او الاداري الذي يمارسه الموظف العام اثناء تاديته لعمله.
وبالفساد المالي المتمثل في مخالفة القواعد والاحكام المالية او ممارسة انحرافات مالية تؤدي الى المساس بالمال العام سواء كان ذلك بالفعل او بالامتناع ، وبالفساد السياسي ومن صوره اساءة استخدام السلطات العامة وبالذات السلطة التنفيذية لواجباتها وصلاحياتها لتحقيق اهداف ومنافع غير مشروعة سواء كانت مباشرة او غير مباشرة.
وقال ان المشرعين والباحثين وعلماء الاجتماع حصروا معظم اسباب ارتكاب افعال الفساد في ضعف الوازع الديني والاخلاقي عند الناس وبالفقر والبطالة وتفشي الجهل وضعف اجهزة الرقابة الحكومية في المساءلة وانعدام المحاسبة و ضعف وتدني دور مؤسسات المجتمع المدني وضعف الجهاز القضائي وغياب التشريعات الفعاّلة التي تحارب الفساد .. اضافة الى اسباب اخرى.
اضافة الى تدني رواتب موظفي القطاع العام وارتفاع تكاليف المعيشة مما يجعلهم الاكثر عرضة لجرائم الرشوة والاختلاس واساءة استعمال السلطة.
وتحدث عن نشأة الهيئة التي جاءت تجسيداً وتنفيذاً لتوجيهات ملكية سامية صدرت منتصف عام 2005 حيث أمر فيها جلالة الملك بإنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد تكون مرتبطة برئيس الوزراء .. وتتمتع بشخصية اعتبارية ذات استقلال مالي وإداري تمارس مهامها وأعمالها بحرية واستقلالية دون أي تأثير أو تدخل من أي جهة مهما كانت .
كما تحدث عن اختصاصات الهيئة وجرائم الفساد التي تلاحقها ، وعن اهدافها وصلاحيات مجلسها وعن مكامن قوتها ودعم جلالة الملك لها وكذلك تواصلها وتنسيقها مع الهيئات والمنظمات والاتحادات الدولية التي تعنى بمكافحة هذه الافة باعتبار ان الفساد آفة عابرة للحدود.
وبين ان الهيئة تعمل لتحقيق اهدافها في مكافحة الفساد والتوعية بمخاطره وتجفيف منابعه واجتثاث الفاسدين والمفسدين من خلال ثلاثة محاور :
الاول منها محور الوقاية ويتلخص في تنبيه الجهات المعنية في القطاعين العام والخاص بمواطن الفساد وبمحاولات او احتمالات ممارسته لاتخاذ الاجراءات الوقائية التي تحول دون حدوثه أو نفاذه حيث تم تنبيه جهات عديدة عشرات المرات إلى فساد يمارس فيها ” اكتشفناه بوسائلنا الخاصة ومن خلال تتبعنا لما يجري فيها “.
ومثل هذه الأمور “لا نعلن عنها عادة لأن ما يهمنا ” هو تصويب الأوضاع والتجاوزات والمخالفات وفق أنظمة وتشريعات تلك الجهات.
واما المحور الثاني .. فهو محور التوعية ويتم على عدة مسارات أولها ..
تعزيز التعاون والتنسيق والتشاور مع مؤسسات المجتمع المدني ومع حميدي السيرة والسمعة في القطاع الخاص كرديف لنا في مساعيينا وحربنا على الفساد والمفسدين لما لهذه المؤسسات من حضور ودور فاعل في الحياة الاجتماعية والثقافية والخيرية وحماية حقوق الإنسان خاصة أن ذلك يعتبر متطلباً دولياً وفق أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد .
اما المسار الثاني ..
فمن خلال تفعيل التواصل مع مختلف وسائل الإعلام التقليدية منها والحديثة كأدوات مؤثرة تنقل رسائلنا إلى الرأي العام وتعكس موقفه من خلال ما تنشره عن احتياجاته وآرائه وملاحظاته عما يجري في الوطن وباعتبارها وسائل أقرب إلى وجدان الناس وألصق بهم من مؤسسات الدولة وخاصة الحكومية منها التي فقد بعضها جراء ممارسات خاطئة ثقة هؤلاء الناس .
وقال إننا نؤمن في الهيئة بأن وسائل الإعلام أداتنا الفاعلة وشريكنا في حربنا على الفساد والمفسدين ونتعامل معها بمنتهى الشفافية ولا نخفي عنها معلومة ولا نتستر على معلومة إلاّ وفق القانون مبتعدين عن المبالغة في نشر المعلومات .. ولكن ليس كل المعلومات لأن ذلك من مسؤولية القضاء وحده ..
أما المسار الثالث ..
فيتم من خلال اتصال كوادرنا مع مختلف القطاعات وشرائح المواطنين وعلى مساحة المملكة من خلال محاضرات وورش عمل وورش تدريبية وتوجيهية لقادة الرأي المؤثرين في قطاعاتهم ، كالوعّاظ والواعظات وعلماء ورجال الدين وموظفي الدوائر والوزارات الخدمية والدوائر التي لها تماس مباشر مع المواطنين … وكذلك مع التجمعات والمعسكرات الشبابية وطلبة المدارس والجامعات.
ولكي تؤّمن الهيئة وسيلة تفاعل إضافية ومباشرة مع المواطنين طوّرت موقعها الإلكتروني ( jacc.gov.jo ) لتعظيم تواصلها معهم ولتزويدهم بالمعرفة حول كل ما يتعلق بالفساد وبإنجازات الهيئة وما يجري في العالم من جهود لمحاربة الفساد .
كما استثمرت الهيئة تقنية “الفيس بوك وتويتر” كألوان جديدة من ألوان التواصل والحوار وخاصة بين فئة الشباب لنفس الغايات .
ولمعالجة الثغرات ومواكبة المستجدات التي افرزها تطبيق قانون الهيئة تم اجراء تعديلات عليه تضمنت احكاما جديدة تهدف الى توفير حماية للشهود والمبلغين والخبراء في قضايا الفساد .. وتجريم الرشوة في القطاع الخاص .. ومعاقبة مرتكبي الافعال التي تنم عن تضارب المصالح وكذلك تجميد العمل بالاتفاقيات الناتجة عن افعال الفساد وتنسيق الجهود المحلية والدولية لاسترداد الاموال .. وتجريم الرشوة التي يمارسها الموظفون الدوليون .. وتخفيف العقوبات عن المتعاونين في الكشف عن قضايا الفساد وعن الاموال المتحصلة من افعال الفساد وكذلك استثناء جرائم الفساد من السقوط بالتقادم.
وعن المحور الثالث .. ويشمل التحقيق والتحري لانفاذ القانون ..
قال انه يتم من خلال التحقيق في جميع ما يصل إلى الهيئة من الشكاوى أو التحقيق والتحري في الإخبارات التي تصلها حول التجاوزات المالية والإدارية والقانونية التي يمارسها الفاسدون او من خلال ما تعلمه من ممارسات فساد بوسائلها الخاصة وهنا تحال كل قضية تثبت فيها شبهة فساد إلى الإدعاء العام في الهيئة أو إلى الجهة المختصة للسير فيها قضائياً .
واكد السيد بينو ” اننا في الهيئة نتوخى الحيطة والحذر والتأني في التعامل مع كل ما يردنا من شكاوى او اخبارات وحتى مع ما يحال الينا من الجهات ذات العلاقة كي لا نظلم احدا او نشوه صورة انسان بريء”.
ودعا المواطنين ووسائل الإعلام الى تحري الدقة والتروي في نقل أو تناقل المعلومات والتأكد من صحتها وعدم الالتفات إلى الشائعات التي يتداولها الناس في مجالسهم الخاصة حول قضايا الفساد لأن مثل ذلك يربك الحياة العامة للمواطنين ويسيء إلى الوطن ومقدراته وإنجازاته وسمعته .
وفي نهاية المحاضرة اجاب على اسئلة الدارسين في دورتي ” الدفاع الوطني والحرب ” تناولت الاستفسار عن قضايا منظورة امام محققي الهيئة والمدعين العامين فيها شغلت الراي العام في الأونة الاخيرة .
شهد المحاضرة آمر الكلية العميد احمد ماجد العيطان وكبار المسؤولين فيها وهيئتها التدريسية والتدريبية.