الأعزب هو مخلوق يشبه الإنسان إلى حد كبير في المظهر ويختلف عنه في التفكير وفقا للبئية المحيطة به. يعيش على الأرض ويسير على رجليه ويمتلك الحواس الخمس كاملة وبلغة اخرى سينقل تمساح
غرفته عادة ما تكون مطلة على الشارع سواء في الطابق الأرضي أو على السطح ليتسنى له مراقبة "الرايحة و الجاية" وملء الحارة طربا من خلال مذياعه الذي تمركز على الشباك.
الغرفة مليئة أحيانا برائحة الرطوبة الممزوجة برائحة "جرابات" تتكوم في الزوايا بجانب مجموعة من الملابس التي تحتاج الى الغسيل. مجموعة اخرى من الملابس تتكدس فوق علاقة ملابس تتشبث بقوة بالباب والمسامير الذي علقت من خلاله .
وكما يقتضي العرف فإن الحائط يتزين بصورة مقتطعة من مجلة لسيارة فخمة أو للمطربة هيفاء. وعلى الجدار المقابل بعض الكتابات المعهودة كرقم موبايل أو تاريخ ميلاد بنت أو عبارة متداولة بين الشباب.
المسجل يكاد لا يظهر من زحمة الاشرطة حوله. الى جانب المسجل علبة سجائر ومنفضة فاضت بما فيها من "قشر بزر" وأعقاب سجائر سقط معظمها على أرض الغرفة ..
وفي الركن البعيد تقبع إحدى "كاسات" الشاي التي تحولت الى منفضة بعد ان استخدمها عزابي لاطفاء سجائره . والطاولة -إن وجدت- تعج بعلب العصير الفارغة وقشور الفاكهة والاوراق. ولا ننسى المرآة المكسورة على احد أبواب الخزانة المخلوعة إضافة الى علبة الجل وفرشاة الشعر.
يزور غرفته ليلا وقد نال جسده نصيبه من التعب والارهاق. يدخل ببطء ويلقي بما في يده من أشياء، مفاتيح لا لزوم لها أو كيس فيه علبة كولا وساندويش أو باكيت دخان وقداحة.
عيونه ذبلت من النظر المتكرر إلى الصبايا وآذانه صدئت من الموبايل ومن قلة التنظيف. ليديه رائحة غريبة وقدميه بيضاء لأنه لم يستبدل جواربه منذ أسبوع أما الرائحة فحدث ولا حرج .. صدره يئن بما يحويه من دخان الارجيله.
يجلس الى سريره ويدس حذاءه تحته وجواربه الى جانبه على المخدة .يخرج الموبايل ليتفقد الرسائل الواردة ثم يتذكر انه لم يغير ملابسه فيبدأ بفك الأزرار وهو ما زال يقلب الرسائل ومن دون وعي يخلع ملابسه ويلقي بها عشوائيا في أنحاء الغرفة.
يلقي بالموبايل جانبا ثم يشعل سيجارة ويفتح المسجل ليستمع إلى ما تيّسر من أغنيات عبد الكريم عبد القادر..يأخذ نفسًا عميقًا ويتنهد بقوة.
يبدأ بالتفكير ويسرح في دنيا بعيدة . يحلم عادة بالمستقبل.. يحلم ويحلم و يحلم ..
هاهو يشتري سيارة فخمة ويعود بها يوميا الى القصر المليء بالخدم والجواري والى زوجته واولاده .. سوف يبني لهم مسبحًا ويشتري لهم كل ما حرم منه. هاهو يدخن السيجار الفاخر، ويحلق ذقنه كل صباح.يخرج ليغطس في المسبح الجديد 1..2..3..هوب..
لقد سقط من فوق السرير وارتطم رأسه بحذائه. استيقظ مرة أخرى ليرى انه ما زال في الغرفة نفسها وأنه ما يزال عبد الكريم عبد القادر ينوح "عانييييت كم عانيت ". نهض واقفل المذياع ليعود الى سريره وينام من جديد.