على ضوء المواقف الشعبية من بعض حالات الفساد المعلنة في السنوات الأخيرة سواء تلك التي تم البت فيها أو التي تنتظر البت في المحاكم, فإن خيارات مكافحة الفساد تبدو محصورة فيما يلي: إما أن يكون فاسدنا في آخر القائمة, أي أن تحاسبوا جميع الفاسدين في البلد قبل أن يأتي دور فاسدنا, أو عليكم أن تعرفوا أن فساد فاسدنا ليس من ذلك النوع الذي يستحق المحاسبة, أو إن فاسدنا مهما فسد فهو استثناء لا تجوز محاسبته… الخ.
وبما أن لكل فاسد جماعته التي تحميه, وأن ما عليه سوى أن ينتخي بها حتى تهب دفاعاً عنه, فإن النتيجة الحتمية ستضعنا وجهاً لوجه أمام قاعدة ضرورة “احترام الفساد والفساد الآخر”, أو زميلتها قاعدة: “يبدأ فسادك عندما ينتهي فساد الآخرين”.
لتطوير هذه الأفكار, أقترح كبديل عن مكافحة الفساد “التقليدية”, أن يجري العمل على إعادة توزيع شاملة للفساد الوطني بين فئات المجتمع المختلفة (بحسب المناطق والعشائر والمنابت والأصول والجماعات) بحيث يتحقق الحد الأعلى من العدالة عند تحديد نصيب كل فئة من الفساد.
يستند هذا الاقتراح الى حقيقة أن المطالبين بمكافحة الفساد لا يصمدون أمام أول اختبار إذا اقترب من “زلمتهم”, وكل فريق يرى أن كشف أي حالة فساد ليست أكثر من تطبيق عملي لفكرة: “إجت الدقة فيه”, ذلك لأن الناس يرون أن مكافحة الفساد تأخذ شكل موجات أي “دقّات”, ولا احد يوافق أن تبدأ “الدّقة بزلمته”.
العرب اليوم