اذا كانت الابواب “الرسمية” قد اغلقت حقاً امام الباحثين عن “مهرب” من محاكمات الفساد، فان ثمة وصفات جاهزة يمكن “للفاسدين” أن يتعاملوا معها لكي يفلتوا من الحساب.
من تجاربنا ثمة دليل يحفظه “الفاسدون” عن ظهر طلب حول ما يمكن ان يفعلوه اذا ما شعروا بأن رؤوسهم مطلوبة للعدالة، يمكن مثلاً يحزموا حقائبهم ويركبوا اول طائرة الى أي بلد في العالم، يمكن ايضا ان يسجلوا كل ما “سرقوه” باسماء أقرباء واصدقاء يثقون بهم، يمكن ان يرفعوا “السبابة” ويخوّفوا بها او يهددوا بكشف طوابق مستورة، يمكن ان يبدأوا بحملة هجومية مدفوعة الثمن لخلط الاوراق والتشكيك بجدية الدولة في خوض هذه المعركة، يمكن ان يبحثوا عن ملاذات آمنة، سواء أكانت عشائرية او مناطقية او سياسية، يمكن ان يبحثوا عن تسويات استباقية مع جهات ما او عن مخارج مرضية مقابل طوق نجاة غير مجاني بالطبع.
الفاسدون – الآن – في حالة “كمون” وترقب، ولديهم من الخبرة ما يكفي للتعامل مع نوازل المحاكمات، وفتح الملفات، كما ان الطريقة امامهم ليست “مسدودة” وربما تسعفهم “مهاراتهم” في تجاوز “الكمائن” المنصوبة، والكاميرات التي ترصد “المخالفات”، ولهذا يبدو من المنطقي ان نتساءل عما فعلناه – او ما فعلته الحكومة تحديداً، لتضييق الخناق على الفاسدين، منعهم من استخدام “أوراقهم” او تجريب حظوظهم للخروج من مولد المساءلة “بكف عدس” يضمن لهم الصفح عما مضى، وكفى الله الناس ما قُدّم من أضحيات!
وقابل دوران “دولاب” المحاكمات ثمة ماكينة للفساد بدأت تتحرك بسرعة، ومقابل وعود حكومية متتالية للاطاحة برؤوس كبيرة ثمة هواجس في الشارع من الانتقائية ومن محاولات “لاطفاء” الحرائق بما يلزم من “خراطيم” مياه، ومقابل مطالب باجتثاث الفساد وتعقيم البلد من “جراثيمه” التي انتشرت في كل مكان، ثمة “استعصاء” واضح في الدخول بجرأة الى “عش الدبابير” وتكسير خلاياه بعصا القانون.
هل ستنجح الدولة في معركتها ضد “الفاسدين”، وهل سيقتنع الاردنيون بأن ساعة “التطهير” دقت فعلاً وبأن عقاربها ستدور بلا تلكؤ وبلا استثناءات؟ حتى الآن ما زلنا نقف على عتبة “الدار” بانتظار الدخول الى الغرف “المغلقة” التي خرجت منها روائح الفساد، وما زلنا نقف على منصة “الشارع” لمعرفة من يقف على الدور ومن هو التالي: بالاسماء وليس بمجرد الاشارات، وما زلنا للاسف امام جرأة غير طبيعية يمارسها بعض “المطلوبين” في الذين استمرأوا الفساد ولم يتوقفوا عنه بعد.
لن تتردد “ميليشيات” الفساد عن استخدام كل ما تملكه من اسلحة وربما “متفجرات” سياسية واجتماعية واقتصادية للدفاع عن نفسها، وضمان “استئنائها” من الوقوف امام العدالة، من وادب الدولة ان تواجه كل ذلك بجرأة وحزم وشجاعة، اذا ارادت حقاً ان تستعيد هيبتها، وان تستجيب لمطالب الناس واشواقهم، ون تطوي صفحة “سوداء” من تاريخنا.
مهما فعل هؤلاء الفاسدون ومهما استنفروا من فزاعات وأوهام، فهم أضعف مما نتصور، أما ما جمعوه من ارصدة ومن قصور أقاموها على حساب البطون الجائعة فهي أوهى من بيت العنكبوت، لكن انتصارنا عليهم سيتوقف بالتأكيد على لحظة “مبارزة” تصطف فيها “الرؤوس الكبيرة” امام الناس لكي يأخذونهم الى “قصر” العدل المجاور لمجلس “النواب”!.
الدستور