في زمن مضى, عندما كان التهريب ممارسة يومية في الرمثا, حدث أن أحد المواطنين الظرفاء هناك, تناول عشاءه وخرج من منزله, وكان الطريق الذي سلكه صعوداً حاداً, فصار يكثر من اللهاث مستعيناً به على صعوبة المشي.
وبينما هو على هذه الحال, فاجأه بعض رجال الأمن وهجموا عليه كلا من جانب, وسحبوه نحو مخفر الشرطة وقد اتهموه بأنه عائد من جولة تهريب, بدليل أنه يلهث, وأن لهاثه هذا يعني أنه هارب من الملاحقة.
في اليوم التالي تم عرضه على القاضي الذي بادره بالسؤال عن قضيته, فأجاب على الفور: “تهمتي هي ممارسة اللهاث, وأنا أطلب الصفح لأني لم أكن أعلم أن اللهاث ممنوع”. وبالنتيجة أخلي سبيله, ولكنه خرج من الحجز وراح يطوف أنحاء البلدة محذراً الناس من خطورة ممارسة اللهاث.
ومن حكايا اللهاث الأخرى, ما حصل كذلك مع أحد الرجال المسنين الذي ذهب لزيارة أحفاده وقد حمل إليهم كيساً من السكر, ولما وصل كان التعب قد نال منه, وكان يلهث بشدة, فيما انهال عليه الأحفاد بالأسئلة والمطالب, فقال لهم راجياً: انتظروا قليلاً, فالنّفَس الذي سأرد به عليكم يلزمني أولاً كي ألهث به.
اللهاث كان أمراً مقتصراً على الأفراد يلجأون اليه للتخفيف من تعب أجسادهم, أما اليوم فقد تغير مستوى اللهاث ولم يعد ممارسة فردية, وصار يمارس على مستوى الدول والأنظمة والشعوب التي تلهث بشدة, ومن دون تعب أحياناً.
العرب اليوم