حذرت اللجنة المركزية للتربية في حزب جبهة العمل الإسلامي من الاستجابة لمطالب بعض الجهات التي تطالب بإلغاء امتحان التوجيهي، رغم تأيدها الخروج على نمطية هذا الامتحان وشكله وفرصه في أغلب الأحيان على قياس مهارة الحفظ والاستظهار بصورة أساسية، حسب بيان صادر عنها.
وقالت ردا على ما ورد في بيان حكومة عون الخصاونة في الشأن التعليمي، إذ نرحب بعزم الحكومة دعم استقلالية الجامعات وإعادة إحياء امتحان الكفاءة الجامعية ، إلا أننا نؤكد بأنه طالما سمعنا مثل هذه التصريحات في بيانات الحكومات السابقة . وقد حان الوقت لترجمة هذه الشعارات على أرض الواقع، برفع القبضة الأمنية (المخابرات) عن الجامعات.
نص البيان
لقد تضمنت مقدمة البيان الوزاري حول الشأن التربوي عبارات فضفاضة وعناوين كثيرة طالما رددتها البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة وبالرغم من ترحيبنا بمجمل ما ورد من عناوين إلا أننا نحب أن نؤكد على ما يلي :
1.لقد ورد في البيان الوزاري أن الحكومة ستواصل العمل للارتقاء بنوعية التعليم من خلال تطوير امتحان الثانوية العامة ( التوجيهي ) ونحن إذ نرحب بحرص الحكومة على الارتقاء بنوعية التعليم إلا أن الارتقاء بنوعية التعليم لا يكون فقط بتطوير امتحان الثانوية العامة والذي يفترض فيه أن يكون أداة لقياس قدرات الطلبة ومهاراتهم وليس لمعلوماتهم وقدراتهم على استظهارها عند الامتحان، فالارتقاء بنوعية التعليم يتطلب إعادة النظر بمجمل مكونات النظام التربوي وعناصره الأساسية كالمنهاج والكتاب والمعلم وطرائق التدريس وأساليب العرض والمناقشة والإدارة والحاكمية الرشيدة للعملية التربوية برمتها .
أما فيما يتعلق بتطوير امتحان الثانوية العامة، فإننا نحذر من الاستجابة لمطالب بعض الجهات التي تطالب بإلغاء هذا الامتحان . ونطرح بديلاً عنه اعتماد السجل التراكمي لمسيرة الطالب الأكاديمية في السنتين الأخيرتين من المرحلة الثانوية أو ما قبلها بقليل . ذلك ان مدارسنا ومعلمينا وإداراتنا المدرسية ومجمل الأعراف والعلاقات الشخصية تؤشر على صعوبة الحصول على تقييم موضوعي لهذه المسيرة في حال تم إلغاء هذا الامتحان . بل إن مدارسنا ستتنافس – كما هو الحال في الدول التي اعتمدت هذا النظام في الخليج العربي – في رفع معدلات طلبتها بصورة غير موضوعية مما يفقد النتائج المتحصل عليها من هذا النظام أية مصداقية.
إننا مع الخروج على نمطية هذا الامتحان وشكله وفرصه في أغلب الأحيان على قياس مهارة الحفظ والاستظهار بصورة أساسية مما مكن كثيراً من معلمينا وطلبتنا من رفع نسبة التوقع لديهم عن الأسئلة التي سترد في الامتحان . وبالتالي الحصول على علامات عالية لا تقيس بالضرورة القدرات العلمية والذهنية والتحليلية لديهم . وهذا يتطلب مزيداً من المراجعات والندوات وورش العمل لمختلف الفئات المعنية بتطوير هذا الامتحان كأساتذة الجامعات والمعلمين والمشرفين والخبراء للخروج بصيغ تشكل تطويراً لهذا الامتحان في شكله ومضامينه والجوانب التي يقيسها
2.أما فيما يتعلق بالمعلمين فإننا نرحب بما ورد في البيان الوزاري من دعم حكومي لنقابة المعلمين باعتبارهم القادة الحقيقيين للعملية التربوية . ولكننا نبدي ألمنا وتحفظنا من حرص الوزارة على حرمان المعلمين المتقاعدين من عضوية النقابة وهم الفئة التي تمتلك من الخبرات والكفاءات والقدرات ما يمكنها في حال السماح لأعضائها بعضوية النقابة من إثراء العمل النقابي والارتقاء به، وتعزيز مكانة المعلمين ومكاسبهم والإسهام في رفع سوية أدائهم وصولاً إلى الارتقاء بمخرجات التعليم العام في بلدنا العزيز .
3. أما ما ورد من حرص الحكومة على إعادة النظر في أسس انتقاء المعلمين ومسارات التنمية المهنية لهم وتأهيلهم قبل التحاقهم بالتعليم، فإننا إذ نرحب بذلك نود أن نؤكد بأنه ما لم يعد النظر ( فعلاً لا قولاً ) بأسس انتقاء واختيار المعلمين والحرص على اصطفاء العناصر المتميزة والمنتمية والقادرة على العمل والانجاز، وما لم يعد النظر قبل ذلك في هيكلية ورواتب وحوافز المعلمين عبر نظام خاص بهم، فإن كل الجهود المبذولة لتأهيلهم قبل التحاقهم بالعمل لن تجدي نفعاً بل إنها ستذهب هدراً . فالمعلم قائد مجتمعي قبل أن يكون معلماً
وقائداً تربوياً في مدرسته . وما لم يعد لهذه المهنة مكانتها اللائقة بها فسيظل الجهاز التربوي ينزف الكفاءات المتميزة يوماً بعد يوم ( على قلة حجم هذه الكفاءات ) وسيبقى الكثيرون من المتميزين يعزفون عن الالتحاق بهذه المهنة .
4. أما ما يتعلق بالجامعات فنحن إذ نرحب بعزم الحكومة على دعم استقلالية الجامعات وإعادة إحياء امتحان الكفاءة الجامعية ، إلا أننا نؤكد بأنه طالما سمعنا مثل هذه التصريحات في بيانات الحكومات السابقة . وقد حان الوقت لترجمة هذه الشعارات على أرض الواقع، برفع القبضة الأمنية (المخابرات) عن الجامعات، وجعل الكفاءة والتميز العلمي والانتماء الوطني الصادق هي معايير العبور للالتحاق بسلك التدريس في الجامعات ضماناً لرفع سوية مخرجات التعليم الجامعي . كما نحب أن نشير إلى قضية هامة لم يذكرها البيان الوزاري وهي ضرورة إعادة النظر بأسس القبول في الجامعات، وتصويب الخلل الكبير الذي تتضمنه تلك الأسس، والذي يعمق الإحباط، ويضعف الانتماء ويعزز الاعتقاد بأن الأردنيين ليسوا سواء في الحقوق والواجبات وهو نص دستوري لا بد من احترامه وتجسيده.إذ كيف نجسد هذا النص الدستوري والقبول الاستثنائي يلتهم النسبة الكبرى للقبول في الجامعات من خلال (تعدد الكوتات) بينما تتنافس الغالبية العظمى من الطلبة على ثلث المقاعد الجامعية تقريباً فيما يعرف(بالقبول التنافسي)
أما القضية القديمة المتجددة وهي العنف الجامعي والتي أضحت ظاهرة مؤسفة تبعث الأسى وتدق أجراس الخطر، والتي لم يأت البيان الوزاري على ذكرها . فلا بد من أن تعمل الحكومة على الفور على عقد مؤتمر عام يحضره كل المهتمين بالتعليم الجامعي والمعنيين به والخبراء والمختصون لدراسة هذه الظاهرة ووضع الحلول السريعة لمعالجتها ، والتي نعتقد جازمين بأن السياسات التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة عبر جهاز المخابرات تحديداً قد أسهمت بدرجة كبيرة
جداً في نضوب الأنشطة الجامعية ومحاربة العمل الطلابي الثقافي والسياسي . مما عزز نمو الهويات الفرعية والعصبيات المقيتة على حساب الهوية الجامعة ، وعلى حساب إثراء الحياة الجامعية بالأنشطة الطلابية والفكرية والعلمية والسياسية والأدبية، حتى وصلنا إلى هذه الحالة المؤلمة التي تهدد السلم الأهلي في بلادنا والأمن المجتمعي لوطننا إن لم نتدارك جميعاً وفي مقدمتنا الحكومة هذا الأمر فنبادر جميعاً إلى وضع أيدينا على مواطن الداء تمهيداً لوضع العلاج الشافي والسريع لهذا المرض الخطير ولهذه الآفة الأليمة .
والله نسأل أن يحفظ بلدنا من كل سوء