واصل ملتقى المدافعين عن حرية الإعلام في العالم العربي أعماله صباح الثلاثاء بعقد جلسة صباحية خصصت لمناقشة الجدل الدائر حول دور الإعلام خلال الثورات العربية وتغطيته للاحتجاجات، وفيما إذا كان الإعلام العربي صانع للثورات والحركات الاحتجاجية ومحرض عليها أم أنه ناقل للأحداث.
وشارك في جلسة النقاش التي أدارتها الإعلامية اللبنانية نجاة شرف الدين كل من المدير العام السابق لقناة الجزيرة وضاح خنفر، والباحث في مركز الأهرام،،عصام حسن، وأحمد كامل من قناة فرانس 24، وعادل سليمان من قناة بي بي سي، وبسام بلان من قناة اورينت ، ومحمد شباروا من قناة العربية.
واستعرض خنفر في كلمته ما يدخل في تصنيف الإعلام وما لا يدخل فيه ، متسائلا أين يقف الإعلام من هذه المعادلة.
وقال إن هناك تعريفا جديدا لمن هو الإعلامي، لأن الإعلامي اليوم يختلف عن مفهومه في العقود الماضية، مشيرا إلى أن الإعلامي اليوم متحيز للسياسي ولصاحب المال، بينما البديل الآن هو الانحياز إلى الناس والشعب.
وتساءل خنفر كيف سننحاز إلى الناس؟ مجيبا أن الثورات بدأت بشكل طبيعي، وقام الناس بها وليس الإعلام، ولا أحد يستطيع أن يدعي بأنه هو من قام بالثورات أو حرض عليها، وقد بدأت الثورة في تونس ولم ينتبه إليها أحد ولكن في النهاية قمنا بتوجيه كل كاميراتنا إلى تونس.
وقال محمد شبارو إن الفضائيات ساهمت في نشر الخبر والتركيز عليه، والتكنولوجيا قامت أيضا بهذا الدور، مضيفا أننا ننحاز إلى دور الإعلام الحيادي إلى حد ما على اعتبار إننا نسعى إلى نقل الخبر وفقا لمعايير عده.
وأضاف شبارو أن الثورات العربية فاجأت الجميع دون استثناء، ولقد كان هناك ارتباك وانفعال وانحياز البعض، والبث في الموضوعية والحيادية، والتوازن والشفافية في أحداث أقل ما يمكن أن توصف بها بأنها أحداث تاريخية.
وقال إن الجدل حول دور الإعلام قضية مبالغ فيها من وجهة نظري، ومن المؤكد أن الحديث عن دور في الثورات وتحريكها،،حديث مبالغ به.
وتساءل شبارو بعد مرور كل هذه الأشهر هل تغير المشهد؟،،،هل ما يزال الإرباك حاضرا، واجاب ، لا ادري ربما.
وختم حديثه بالقول، أن يكون الإعلام قد صنع ثورات فهذا شرف لا نستحقه.
وقال بسام بلان إن الإعلام لم يكن صانعا للثورات العربية بقدر ما كان محرضا عليها، وأعني هنا الإعلام المستقل والخاص غير المرتبط بعلاقات مشبوهة مع الأنظمة، والذي عمل وفق سياسات بعيدة عن السياسات الإعلامية للأنظمة العربية المستبدة.
واستعرض تجربة قناة أورينت الخاصة بتغطية الأحداث في سوريا، حيث جعل من رجل الشارع بطلا حقيقيا في كل القصص التي طرحها، كما فتح الأبواب بين أبناء الوطن الواحد.
وقال كثيرا ما يجابه الإعلاميون بسؤال عما إذا أصبح الإعلام في هذه الثورات ناقلا لما يصنعه الإعلام الجديد ووسائل التفاعل الاجتماعي؟، وهو سؤال ملغم صنعته الأنظمة المتضررة من الثورات والتي دابت على العزف على وتر المصداقية، مشيرا إلى أن ما يجري الآن هو انهيار لفكرة الحياد واعادة صياغة،،للموضوعية بحيث تكون الموضوعية هي التناول العلمي الرفيع للمادة وليس التناول البارد.
وتابع قائلا لقد اصبح الاعلام المستقل والموضوعي اقرب ما يكون الى خندق الثورات والحركات الاحتجاجية بعد ان سكن طويلا في خندق المعلومات، التي هي الاخرى مفلترة وموجهة وتقوم عليها وسائل ووكالات إخبارية لا يمكنها اعاء الحيادية.
وقال أحمد كامل إن حادثة البوعزيزي في تونس لم تثر اهتمام أحد فقد ألقي زميلي بها في سلة المهملات الالكترونية، واحتفظت أنا بها دون قصد مني لكنني لم أضعه في نشرة الأخبار لأنه خبر تونسي محلي لا يهم عموم المشاهدين العرب.
وتابع كامل قائلا، هذه الصورة تختزل كيف تعامل الإعلام مع ما قد تشكل أهم لحظة في تاريخ الأمة العربية منذ،،مئات السنين وهي التجاهل التام وعدم فهم أبعاد اللحظة.
وقال تأخر الإعلام عن الأحداث المتسارعة لا يعني انه لم يتطور، وعندما أزهر الربيع العربي بلغ التحدي درجة عالية أتعبت الإعلام بكل ألوانه المكتوبه والمسموعه وخاصة المرئية، ومع تفجر الثورة السورية بات ممكنا الحديث عن عصر اعلامي جديد، ثورة تدوم 9 أشهر ويقوم بتغطيتها شباب متخفون ليسوا من الصحفيين وبأدوات وتقنيات بسطية ورخيصة تجبر وسائل الاعلام في العالم على الأخذ منها.
وأضاف كامل هذا الطوفان في المعلومات والصور شكل تحديا مفاجئا وخطير،ا فالقنوات التلفزيونية كانت تعاني أشد المعاناة للحصول على صورة لمواطن سوري أو ليبي أو تونسي يعترض أو يتظاهر أو يضطهد باتت تواجه تحديا بكيفية التعامل مع سيل من الصور والمعلومات من هذا النوع.
وختم كامل بالقول إن الانحياز للثورة والحرية أقوى من أن يكبحه كابح، واختار الصحفيون الذهاب بعيدا في هذا التوجه مهما كلف الثمن، وقد دفع بعضهم الثمن غاليا.