بعد الاعتداء الذي تعرضت له جريدة،”الغد”،أصبح من واجب ومسؤولية الحكومة الجديدة أن تضع”خطة انقاذ”،للتعامل مع المحنة والأزمة التي تمر بها الحريات الإعلامية، واذا لم تقم بإجراءات عاجلة لحماية الصحفيين والإعلام فإنها ستكون شريكا في الاعتداءات المستمرة على حريته منذ بداية العام الجاري، فالشعارات الجميلة عن حرية الصحافة لم تعد تغني ولا تسمن من جوع، والمطلوب خطوات فاعلة لحماية ما تبقى من صورة ايجابية للأردن.
اذا كان عنوان تقرير حالة الحريات الاعلامية الذي أصدره مركز حماية وحرية الصحفيين لعام2010 “على الحافة”، فما هو العنوان الذي يليق يهذا العام،2011،والذي شهد تحولا خطيرا في نوعية الانتهاكات الواقعة على الاعلام حتى أصبحنا نترحم على السنوات الماضية التي كان فيها يتم الاتصال مع الاعلاميين والطلب منهم الغاء أخبار ومحاولة احتوائهم بالترهيب والترغيب؟!
كل ذلك أصبح من مخلفات الماضي واليوم وفي زمن الربيع العربي يضرب الصحفيون وتهشم عظامهم، ونصرخ وجعا وغضبا فيستنكر الجميع وتهدأ العاصفة ويظل الجناة طلقاء ولا بواكي للضحايا، وليت الأمر يتوقف عند حدود الاشتباك والاعتداء الذي يحدث من قبل الأجهزة الأمنية، فالموضة الآن،”للبلطجة”،بأنواعها المختلفة وبذرائع متعددة وبأساليب لا حصر لها.
الحكومة غضت الطرف عن،”البلطجة”،حتى تغرق مسيرة الاصلاح بالفوضى وحتى يشتبك الناس مع بعضهم البعض وتظل هي بعيدة عن دائرة الاتهام، ولكن هذه،”المليشيات”،التي سمح لها بالتجاوز على حريات الناس وحقهم في التجمع السلمي لم يعد بالامكان لجمها أو ضبطها وصار من حقها أن تعتقد أن بامكانها انفاذ قانونها بالقوة وأنها فوق القانون والمساءلة وهم،”الدولة”، وأن من قبل بتوظيفهم سابقا لأجندته عليه أن يقبل بأجندتهم الخاصة وسلوكياتهم رضى من رضى أو غضب من غضب!
ومراجعة لما حدث منذ شهر آذار الماضي حتى الآن والتوقف عند محطات متعددة بدءا من دوار الداخلية مرورا بأحداث الداخلية الى ساحة النخيل الى سلحوب الى اغلاق وقطع الطرق لفصل البلديات يؤكد أن سياسة التوظيف والاسترضاء لم تخلق الا،”مليشيات”،جديدة تستقوي على الدولة ولا تحسب حسابا الا لمصالحها.
ما حدث مع الغد من حصار للجريدة ومحاولة لمنع توزيعها واعتداء على أحد الموزعين وتهديد لرئيس تحريرها ووعيد بحرقها ما هو الا نموذج لما يمكن أن يحدث من عواقب، ومن يدري ماذا يمكن أن يحدث مستقبلا، وهل نضمن أن تمر كل الحوادث القادمة بسلام وبأقل الأضرار؟!
ننتظر خطة انقاذ يا دولة الرئيس وأنت الذي خبر معنى العدالة، خطة لا تقتصر على حماية الاعلام الذي يشكل ركنا أساسيا للإصلاح، بل تتعداه للمجتمع لحمايته من التفتيت ومن المعالجات الأمنية القاصرة والتي لا تدرك أحيانا أهمية السلم الأهلي.
باختصار يا دولة الرئيس خطة الانقاذ للاعلام يجب أن تضمن استقلاليته ووقف التدخل به، وتغيير وتعديل منظومة التشريعات المقيدة له، وقبل كل ذلك لابد من تقديم كل الذي انتهكوا حرية الاعلام واعتدوا على الصحفيين للعدالة حتى لا يفلت أحدا من العقاب!