اضاع مجلس النواب فرصة اعادة تبييض صفحته مع الشارع بوقوفه ساكنا حيال فتوى المجلس العالي لتفسير الدستور القاضية بسقوط عضوية ثنائيي الجنسية من الوزارة والعينية والنيابة او من في حكم هذه المواقع , رغم انه من بادر الى وضع المادة في الدستور وصوّت لصالحها وكانت هذه من الخطوات التي نجح النواب في اضافتها لرصيدهم السياسي قبل ان يتنازلوا عنها بسهولة مع خدش لمشاعر الجمهور الاردني .
الحكومة السابقة بادرت الى توجيه السؤال للمجلس العالي والتزمت بما صدر من تفسير واسقطت عضوية وزيرين والاعيان الخمسة بادروا الى تقديم استقالاتهم قبل ان يعاد تشكيل المجلس من جديد لطي صفحة الثنائية نهائيا , وكل هذه المواقع اقل خطرا من موقع النيابة صاحبة الدور الدستوري في الرقابة والمحاسبة والتشريع , فهي الاصل في الدستور وكان على السادة النواب ومجلسهم ان يبادر بنفسه لاسقاط عضوية من يحمل جنسية ثانية لتحقيق الالتزام بالدستور وتكريس مبدأ المحاسبة الحقيقية والتي تبدأ بالذات اولا .
الان وبعد انتخابات الرئاسة البرلمانية ورغم التزام نائب بعدم التصويت لحمله جنسية ثانية وهو موقف مقدر من النائب المحترم وإن كان الاصوب ان يسقط عضويته بنفسه لتحقيق مبادرة دستورية , سيدخل المجلس النيابي في جدل قانوني وقضائي محسوم سلفا , اي سقوط عضوية النائب الذي يحمل جنسية ثانية , بصرف النظر عن عدد النواب ثنائيي الجنسية سواء كانوا اثنين او سبعة كما تقول مرجعيات برلمانية واثرهم وتأثيرهم على النتيجة , فقد كان الاجدى ان يحترم النواب الدستور وتصويتهم عليه فيسقطوا العضوية عن زملائهم فهذه مواقف لا تقبل المفاصلة او الاسترضاء الصوتي .
مجلس النواب يعاني منذ ثقة ال «111 « من ازمة ثقة سياسية وشارعية وهو مقبل الان على مناقشة وإقرار قوانين ضامنة للحياة السياسية والديمقراطية فكيف سيضمن الشارع ان تشريعاته بأيدي امينة اذا ما بقي المجلس النيابي مخالفا للدستور الذين اقسم اعضاؤه على المحافظة عليه الا اذا كانوا قاصدين ان يدخلوا البلد في نفق سياسي مظلم مثل قرار حل المجلس نفسه اذا لم يقم بتصويب نفسه بنفسه .
لا ينقص البلد انفاق مظلمة فنحن نعاني اصلا من ازمة ثقة بين الشارع والسلطات التنفيذية والتشريعية ونعاني اكثر من ازمة اقتصادية وكل ذلك يتركز وسط اقليم مشتعل ومتحرك مثل كثبان الرمل ونحن لدينا فرصة مهولة كي نقدم نموذجا اصلاحيا اختصره الملك بجملة نشرتها صحيفة الراي الكويتية « مهزوم من ينتصر على شعبه « والنواب ممثلو الشعب فكيف ينتصرون بعضويتهم على الناس والدستور ؟
سلوك النواب حيال زملاء لهم يعكس ازدواجية اخطر من ازدواجية الجنسية ويكرّس نمطا يضاعف الاحتقان الشارعي بل ويفقد الناس اي بارقة امل ويطعن في شرعية كل القرارات والتشريعات القادمة ابتداء بالثقة بالحكومة الجديدة او بالقوانين الناظمة للحياة السياسية وما سينبثق عن التعديلات الدستورية من قوانين مثل المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة لادارة الانتخابات وباقي القوانين والتشريعات التي منحت الاردنيين بارقة امل .
ثمة حوّام مقلق يحوم في الاقليم ولا نريد ان ندخله بأيدينا الى بلدنا لمجرد المحافظة على مقعد افتى المجلس نفسه بعدم دستوريته خاصة وان الصمت من بعض الاحزاب السياسية والشخصيات الوطنية حيال ذلك ينذر بقلق اكبر , فقد يكون ذلك الصمت على المخالفة فرصة تأكيد عدم الجدية في الاصلاح وفسحة ينتظرون ان يتم حسم حراكات اقليمية خلالها وبعدها لن ينفعنا مجرد اسقاط عضوية المخالفين والاهم ان من يخرق الدستور يخرج من حمايته ونحن لا نريد لاي مؤسسة ان تخرج من حماية الدستور،
الدستور