عاكس خط....
عم أحمد ... رجلٌ مزاجي جداً، يعبد اللحظة التي هو فيها، و لا يفكر في الدقيقة القادمة..همُّهُ الأول و الأخير أن يسلي عن نفسه، و لذا تراه مدمناً على الضحك مفتشاً عن الأنس حتى أن أصدقاءه يلقبونه بجحا.
و لأن العرب قالتْ الطيور على أشكالها تقع، أبى أن يكذب قولهم ذاك، إذ كان لا يمكن أن يسمح لنفسه أبداً .. أبداً ..أبداً أن يصادق أو ينادم إلا من كان على شاكلته، و كأني بقائل البيت الشعري:
و لا يألف الإنسان إلا نظيرة ×× و كل امرئ يصبو إلى من يشاكله
قد قاله في عم أحمد و أصحابه.
فعقدتُ العزم أن ألاحق هذا الرجلَ حتى أكشف سره، و أعرف ما الذي جعله هكذا مقبلاً غير مدبرٍ على اللهو و الضحك و اللامبالاة في حياته ؟؟!!!!.
و خلسةً سرتُ وراءه ليلاً شارعاً شارعاً و زنقة زنقة، حتى قادني خلفه إلى حيّه الذي يقطن فيه، فإذا بي أرى عجباً.
رأيتُ الحزن و الفقر و البؤس شوارع رئيسية فيه، و القش و الصفيح و السعف جدراناً لما يمكن لي أن أسميها تجاوزاً أكواخاً، و سواداً من البشر يفترشون الأزقة و يتأففون يأساً و إحباطا.ً
فقلتُ لنفسي: سبحان الله علامَ يضحك هذا ؟؟ و الله أنه عاكس خط.
نعم و الله عاكس خط، فأموره كلها تجري عكس التيار...
و علمتُ لحطتها أن ما يظهره من سلوكٍ ما هو إلا مرض عضال به، و لا يعد كونه حيلة من حيل الدفاع النفسي تصيب أولئك الذين تعجز أنفسهم عن تقبل واقعهم المؤلم.
و تذكرت حينها قول الشاعر:
لا تحسبوا رقصاتي بينكم فرحاً ×× فالطير يرقص مذبوحاً من الألم
و تساءلتُ في نفسي: كم عم أحمد يعيش بيننا ؟!!