ليس هناك في كرة القدم ولا في الرياضة عموما ، اللاعب او الفريق الذي لايقهر ، فذلك شيء نادر إن لم يكن مستحيلا خاصة في كرة القدم .
ومنذ 48 ساعة وقبل مباراة كأس السوبر الاوروبي أعجبني جدا تصريح للاسباني بيب جوارديولا المدير الفني لبرشلونة الاسباني وهو يسخر من مقولة البعض ان فريق برشلونة غير قابل للهزيمة ، وأن الفريق الحالي هوالافضل في تاريخ النادي الاسباني، مشيرا بكل تواضع إلى أنه لا يعتقد أبدا أن فريقه ليس الفريق الذي لا يُهزم أبداً ، وأن تشكيلته ما زال امامها الكثير لتثبت أنها الاحسن في تاريخ البارسا.
ولم يكن جوارديولا متواضعا ولاموضوعيا ولامنطقيا بقدر ماكان واقعيا !.. ففريقه خسر مباراتين متتاليتين في جولته الودية بالولايات المتحدة قبل عدة أسابيع ، أمام مانشستر يونايتد 1/2 ، وأمام تشيفاس جوادا لاخارا المكسيكي 1/4 ، صحيح كان ذلك في مباراتين وديتين وفي غياب ميسي الرهيب وبعض النجوم الآخرين ولكنها هزائم للفريق ولايمكن تجاهلها في سجله .. وتثبت أن البارسا الكبير قابل للخسارة بل والانهيار مثل أي فريق كبير آخر.
وكانت هذه التصريحات المنطقية مقدمة طبيعية لهذا المدرب الموهوب ، ليواصل هواية تحطيم الارقام القياسية هو وفريقه الكبير ليضرب عددا من الارقام القياسية ويصطاد عددا من العصافير بحجر واحد عندما فاز مساء أمس في موناكو علي بورتو البرتغالي 2/ صفر وأحرز لقب كأس السوبر الاوروبي .. اما الارقام القياسية فهي ثلاثة أهمها أنه ضرب رقم الميلان لاكبر عدد من البطولات الاوروبية وكان متعادلا معه ب14 لقب ، ولكن البارسا أحرز اللقب رقم 15 ، وأما الثاني فهو ضرب رقم ريال مدريد لاكبر عدد من البطولات المختلفة محلية واوروبية وكان متعادلا معه ب 73 بطولة مختلفة وأصبح منفردا ب74 بطولة ، وأما الرقم الثالث فهو شخصي لاكبر عدد من البطولات حققه مدرب في تاريخ البارسا، وكان متعادلا مع الاسطورة الهولندي يوهان كرويف في 11 بطولة لكل منهما ولكن جوارديولا أحرز البطولة رقم 12 وأصبح يمتلك الرقم الذي يزيد من روعته أنه حققه في ثلاثة اعوام فقط ، بينما حققه كرويف في 8 أعوام ، ولا يزال امام بيب أعوام أخري ليجعل رقم بطولاته أسطورة حقيقية غير قابلة للتكرار خاصة أن عمره لا يزال أقل من أربعين سنة .
أما العصافيرالاخري التي اصطادها جوارديولا والبارسا ، فمنها بالاضافة لما سبق ، أن الفريق أحرز البطولة الثانية له قبل بداية الموسم ليحصل على دفعة معنوية هائلة تشكل له انطلاقة نموذجية في موسم الدوري الصعب المشحون بالتحدي مع المنافسين وخاصة الريال الرهيب ، ومن هذه العصافير ان الفريق كسب ولادة النجم الكبير فابريجاس كابتن الارسنال العائد إلى قلعته القديمة بعد ان سجل هدفه الاول مع البارسا وبتعاون عبقري مع الفنان ميسي ، ليثبت فابريجاس عمليا أنه صفقة ناجحة جدا وأنه دخل بسرعة في مرحلة الانسجام مع فريقه الجديد.
أما ملاحظة وتحليل اداء البارسا في مباراة السوبر التي فاز خلالها علي بورتو ، فيمكن ان نخرج بملمح مهم وهو أن العبقري ليونيل ميسي، لايزال هو نبض الفريق الكاتالوني وإيقاعه ومنقذه الاساسي وحلال المشاكل وهذه أخطر الامور علي الفريق ، حيث يمكن ان نتخيل النتيجة التي يمكن أن يحققها الفريق في غياب ميسي ، في مباراتي كأس السوبر الاسباني( الذهاب 2/2 والاياب 3/2 ) ومباراة كأس السوبر الاوروبية (2/0 ) ، حيث سجل ميسي بنفسه أربعة من الاهداف السبعة المسجلة في المباريات الثلاث، وصنع بتمريرات مباشرة منه ، اعتمد خلالها على جهده الخاص الاهداف الثلاثة الاخري لزملاءه ، أي أنه كان العامل الاساسي في إحراز الفوز والاهداف في المباريات الثلاث ، ولو تصورنا أنه غاب اضطراريا للاصابة او المرض ، أو غاب تكتيكيا لخضوعه لرقابة صارمة حدت من قدراته او غاب عنه التوفيق كما يحدث في مبارياته مع المنتخب الارجنتيني ، فمعني هذا ان البارسا لن يكون قادرا علي الفوز في غيابه او قهر تحديات المنافسين وانتزاع الالقاب وتحقيق او تطوير الارقام القياسية .. ولهذا فبقدر ما أصبح ميسي نجم فريقه الاول وأخطر أسلحته وأبرز عناصر انتصاراته ونجاحاته ، بقدر ما أصبح أيضا أخطر عنصرسلبي قد يطيح بالفريق في حالة اصابته وغيابه او تخلي التوفيق عنه ، خاصة عندما يصبح فوز فريقه مرتبط به وحده ، واحترم بالطبع مواهب وامكانات رائعة لتشافي هرنانديز وانيستا وفابريجاس ويمكن أيضا سانشيز القادم وأحيانا بيدرو، لكن برشلونة في خطر وسيبقي كذلك حتي يستكمل صياغة وتطوير منظومته الدفاعية التي لا يصعب اختراقها كما أثبت الريال من قبل ، وكما أثبت بورتو بالأمس رغم رعب مدربه وفريقه امام نجوم البارسا ، وسيبقى الفريق الكاتالوني أيضا في خطر مادام يعتمد على نجم سوبر ترتبط به وحده كافة عناصر واسرار نجاحه ، وعندما يكتشف بيب جوارديولا، بديل بشري او تكتيكي يستطيع الحلول محل ميسي او تعويض غيابه ، سأعترف بعبقرية فريق البارسا و"جهبذة "مدربه الناجح الموهوب!!