بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
قال رسول الله صلى الله وعليه وسلم :رمضان شهر مبارك تفتح فيه أبواب الجنة
وتغلق أبواب السعير وتصفد فيه الشياطين ، و ينادي مناد كل ليلة : يا باغي
الخير هلم ، و يا باغي الشر أقصر}
وبسبب هذه الرحمة الإلهية التي منُّ الله بها علينا إختار إبليس طرق أخرى
يشن بها حربه فبدأ بعد رمضان المنصرم بتجييش جنوده من الإنس التي ستقوم مقامه
وقومه وتحل محلهم أي أنه لن يتركنا وعبادة الله تعالى ولكن ستكون معنا أعماله
التي يستعد لها من الآن ويجهز لها لتلهونا عن عبادة الله تعالى في رمضان
فهو يخطط :
· كيف يشن حربه ؟
· كيف يُخرج الناس من هذا الشهر الفضيل بأقل عدد من الحسنات وأدنى
درجات؟
درجات؟
· كيف يُقلل عدد الذين يخرجون عتقاء من هذا الشهر الفضيل؟
والناس تغفل عن هذا الشهر ظانُّة أنه شهر ترفيه وملئ البطون ، بل هو شهر
الترفيه بالتقرب لله عز وجل وإخلاء البطون
{ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه ، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه ، فإن كان
لا محالة ، فثلث لطعامه ، و ثلث لشرابه ، و ثلث لنفسه}
لا محالة ، فثلث لطعامه ، و ثلث لشرابه ، و ثلث لنفسه}
والفرص في هذا الشهر عظيمة وجمٌّة والخير كثير والحسنات وفيرة وفرص التقرب
لله تعالى كبيرة وهناك شهادة عتق من النار تمنح مع نهاية شهر رمضان المبارك
{أول شهر رمضان رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار}
لقد استعد أهل الفن بالفوازير والأفلام،واستعد أهل الترف بألوان الطعام، فما هو استعداد من يريد
سُكنى الجنان مع خيرالأنام؟!
يا أهل الفن والإعلام .. أقصروا..
إن رمضان فرصة ثمينة للتوبة والإنابة إلى الله –عز وجل-، وأنتم تحولونه إلى فرصة لنشر الفساد
وإشاعة الفواحش، فانضموا إلى صفوف أولياء الله المتقين،
وسخّروا الإعلام في خدمة الدين، وإشاعة المعروف والنهي عن المنكر، ذكّروهم بالقرآن والسنة،
ولا تشغلوهم بالأغاني والمسلسلات، والفوازيروالراقصات،
قبيح بكم أن تبارزوا ربكم في شهره الكريم وتُكثّفوا
حربكم على الدين والأخلاق، كأنكم تشفقون من بور تجارتكم الشيطانية في هذا الشهر المبارك،
فتضاعفوا من مجهودكم لتصدوا الناس عن سبيل الله –عز وجل- وتبغونها عوجاً.
إن المنادي يناديكم من أول ليلة في رمضان.. أقصروا يا بغاة الشر.. فإن أصررتم فإن ربكم لبالمرصاد،
قال تعالى { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ }
[النور:19]
[النور:19]
ويا أيها المسلمون الصائمون: فروا من الفيديو والتلفاز والصحف الفاسدة فراركم من الأسد. إن
الفنانين هم قطاع الطريق إلى الله إنهم ممن قال الله فيهم
{ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِبِإِذْنِهِ }[البقرة:221]
فتذكر يا عبد الله الصائم
قوله –تبارك وتعالى- { وَلاَ تَقْفُمَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ
مَسْؤُولاً }[الإسراء:36].
وأهل الفن يدعونك إلى زنا العين، وزنا الأذن، فكيف تطاوعهم وأنت مسلم؟! الأولى بك أن تبغضهم في الله،
لأن عدو حبيبي عدوي!
وكيف تشاركهم وأنت صائم؟! وكيف لا تقول إذا دعتك الشياطين لهذه المعاصي "إني صائم ، إني صائم"؟!
كيف تحرم نفسك من الحلال ثم تستبيح ما هوحرام قطعاً؟!
ألا ما أصدق قول الصادق المصدوق :« رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ».
فيا عاكفين أمام الممثلات والراقصات { إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ }[الأنبياء:53]
وأين أنتم من عباد الرحمن { وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ }[المؤمنون:3].
لقد بيّن الله –سبحانه وتعالى- الحكمة من تشريع الصيام في قوله –جل وعلا- { يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنقَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }[البقرة:183].
هل أنتم تحصّلون التقوى من وراء هذا الإعلام؟!
يا أصحاب المقاهي ومحلات الفيديو وأشرطته.. أقصروا..
اتقوا الله يا أصحاب المقاهي، ولا تفتحوا المجال أمام المسلمين للبعد عن المساجد، بل احملوهم على الطاعة والله –عز وجل- هو الذي يرزقكم...
يا أصحاب المقاهي .. هل تعطون الطريق حقها؟!
ففي الحديث :« إياكم والجلوس على الطرقات،فإن أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها، غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام،والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ».
فأين هذه الحقوق؟! أم إنكم تأمرون بالمنكر وتنهون عن المعروف؟!
اتقوا الله يا أصحاب محلات الفيديو وأقصروا!
كم تملأون بيوت المسلمين بالفحش والخلا؟
فتطردون ملائكة الرحمن وتأتون بأفواج الشياطين؟
كم أوقدتم من نيران الشهوات في قلوب الشباب والفتيات بسبب أشرطتكم وما فيها من مناظر؟!
بل كم من جرائم الزنا والاغتصاب اُتُكبت وكنتم أنتم السبب فيها!
أكُل هذه الأوزار من أجل دراهم معدودة تأتي من الحرام؟!
فلا بارك الله فيها، وتتركون أسباب الرزق الحلال الواسعة.
أخشى والله عليكم أن تكونوا من أهل هذه الآية { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً
يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاءمَا يَزِرُونَ }[النحل:25]
لتكن عالي الهمة في العبادة والتقوى والخشية والإنابة والصيام والقيام
وتلاوة القرآن والدعاء والدعوة وإن استطعت ألا يسبقك إلى الله أحد فافعل.
قيل للإمام أحمد :"متى يجد العبد طعم الراحة؟" قال :"إذا وضع قدمه في الجنة".
وقد أجمع العقلاء أنه لا سعادة لمن لا هم له ولا راحة لمن لا تعب له،
وأن من آثر الراحة فاتته الراحة، فاتعب قليلاً لتسترح طويلاً واصبر
قليلاً من أجل الجنة.
فيا شموس التقوى والإيمان اطلعي، ويا صحائف أعمال الصالحين ارتفعي،
ويا قلوب الصائمين اخشعي،ويا أقدام المتهجدين اسجدي لربك واركعي،
ويا عيون المتهجدين لا تهجعي، ويا دموع التائبين لا ترجعي، ويا أرض الهوى
ابلعي ماءك ويا سماء النفوس أقلعي، ويا همم المُحبين بغير الله لا تقنعي،
ويا همم المؤمنين أسرعي، فطوبى لمن أجاب فأصاب وويل لمن طُرد عن الباب فخاب ..
فقد كان سلفنا الصالح من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعين لهم بإحسان يهتمون بشهر رمضان ويفرحون بقدومه , كانوا يدعون الله
أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه أن يتقبله منهم , كانوا يصومون أيامه ويحفظون صيامهم عما يبطله أو ينقصه من اللغو واللهو واللعب والغيبة والنميمة والكذب ,
وكانوا يحيون لياليه بالقيام وتلاوة القرآن , كانوا يتعاهدون فيه الفقراء والمساكين بالصدقة والإحسان وإطعام الطعام وتفطير الصوام , كانوا يجاهدون فيه
أنفسهم بطاعة الله ويجاهدون أعداء الإسلام في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين كله لله.
فليس شهر رمضان شهر خمول ونوم وكسل كما يظنه بعض الناس ولكنه
شهر جهاد وعبادة وعمل من صلاة وقيام وصدقة وقراءة قرآن.. ,
وكيف لا نكون كذلك في شهر اختاره الله لفريضة الصيام ومشروعية القيام وإنزال
القرآن الكريم لهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور ,
وكيف لا نفرح بشهر تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتغل فيه
الشياطين وتضاعف فيه الحسنات وترفع الدرجات وتغفر الخطايا والسيئات.
ينبغي لنا أن ننتهز فرصة الحياة والصحة والشباب فنعمرها بطاعة
الله وحسن عبادته وأن ننتهز فرصة قدوم هذا الشهر الكريم فنجدد العهد مع الله تعالى
على التوبة الصادقة في جميع الأوقات من جميع الذنوب والسيئات , وأن نلتزم بطاعة
الله تعالى مدى الحياة بامتثال أوامره واجتناب نواهيه لنكون من الفائزين
(يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)
وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين..