في كل رمضان أحاول أن أقول كلمة طيبة؛ لأنني لا أريد أن أصمت عن قول كلمة جميلة في هذه الأجواء الرمضانية الجميلة.
فأنا ضالتي الحكمة فيما أكتب وما أقول، ورمضان هو موطن الحكمة الإلهية العظيمة، وموطن التجربة الإنسانية التي تشعر بجوع الآخرين، والتي تتألم لألم الآخرين، ومن لا يعرف الحكمة في رمضان فهو يحتاج إلى «كورس» خاص؛ لأنه «رسب» في الدروس «المجانية» الكثيرة التي نتعلمها في رمضان.
ما أعرفه بشكل أكيد هو أن رمضان معهد ندخله كل عام؛ لأخذ دورة تدريبية لمدة ٣٠ يومًا؛ نتعلم فيها فلسفة الجوع؛ لكي نقتنع أن «الجوع كافر». ولكي ندرب مشاعرنا على التعاطف بشكل فعلي مع الناس الذين يصومون لمدة أيام لا يأكلون فيها لقمة واحدة.
ورمضان فرصة مواتية لأخذ «كورس» في فن التسامح وحب الآخرين، والتجاوز عن سيئاتهم، ومقابلة الإساءة بالإحسان والدفع بالتي هي أحسن من أجل الفوز بجائزة، {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}. فلماذا لا يكون رمضان فرصة لتوقيع «معاهدات» صلح مع الجميع، واستبدال علاقة «حميمية» بالعداوة؟!
مشكلة الناس هذه الأيام أنهم «يركضون» وراء العروض التجارية المغرية التي تقدم تخفيضات في الأسعار... فلماذا لا ينظرون لرمضان على أنه فرصة حقيقية لتخفيف الذنوب؟!
أسوأ الناس هم أولئك الذين يخرجون من هذه الدورة الرمضانية من دون أن يستفيدوا شيئًا. أسوأ منهم أولئك الذين يختبئون هنا وهناك من أجل سيجارة. والأسوأ أولئك الذين يجاهرون بالمعصية. ثم الأسوأ من كل هؤلاء الذين يعلِّمون أولادهم فنون التحمل والإرادة وينسون أنفسهم، فيلقنهم الأبناء درسًا خاصًّا في التحمل والإرادة.
فمن لا يعرف أن الجوع «كافر» فعليه أن يتعلم معنى «الإيمان».. بأن الله جل شأنه امتن عليه بنعم عظيمة كل يوم.. لم يعرف قيمتها إلا عندما فقدها.. فشربة الماء البارد بعد عطش تعطيك درسًا فلسفيًّا عميقًا في قول الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، {إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده ويشرب الشربة فيحمده}.
«الناس رمضان» كما يقولون.. وهي دلالة على أن كل شيء «يصوم» في هذا الشهر الكريم.. لكن في حالة الصيام العامة نهارًا تقابلها على الطرف الآخر حفلة كبيرة يعد لها كل «المفجوعين» لالتهام أكبر قدر ممكن من الطعام ليلاً.. وأعتقد أن موسوعة «غينيس» عليها أن تدرج ضمن أرقامها القياسية وجود أكبر طاولة طعام يقيمها العالم الإسلامي في رمضان وطوال فترة الليل.. فهي أكبر حفلة «التهام» تقام سنويًّا من دون أن تدرج ضمن الأرقام القياسية.
فالبعض يتصرف في رمضان كما لو أنه قادم من «مجاعة»، فيحاول تعويض ما فقده وكأنه خسر شيئًا. بينما واقع الحال يقول إنه ربح عندما صام، وخسر عندما التهم كل هذه الأطعمة من ناحية صحية على أقل تقدير.
كثير من الناس يقول: إن رمضان فرصة للتخسيس وفقدان «كم كيلو». فيحدث العكس فيكون فرصة للتخمة وزيادة الوزن، فيخرج من رمضان «بكم كيلو» زيادة، وكان يأكل OVERTIME يستحق معه مكافأة.
هناك نوع ثالث من البشر «يصوم» عن الابتسامة، وكأنه عندما يضحك «يبطل صيامه» فتراه متجهمًّا عبوسًا، وكأن «كارثة» حلت عليه.
فالابتسام صدقة جارية لا يعرف معناه إلا الراسخون في حب الله، وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، فتعلموا من مدرسة الحبيب وصوموا عن أخطائكم وخطاياكم، ولا تصوموا عن الابتسامة، فهي صدقة جارية!!
الضمير المطمئن خير وسادة للراحة .
من يزرع المعروف يحصد الشكر.
الخبرة هي المشط الذي تعطيك إياه الحياة عندما تكون قد فقدتَ شعرك.
عظَمة عقلك تخلق لك الحساد. وعظَمة قلبك تخلق لك الأصدقاء.
دقيقة الألم ساعة، وساعة اللذة دقيقة .