ألحمد لله القائل في كتابه الكريم ( والذين هم في صلاتهم خاشعون )
وصلى الله وسلم وبارك على نبيه محمدا
الذي كان يقول لـمؤذنه ( بلال ) عندما يحين وقت الصلاة
( أرحنا بها يا بلال)
فـ ماذا يقول أكثر المسلمين اليوم ، وقبل أذان المؤذن ، وهم ينتظرون
صوته ليصدح بالنداء الخالد ،،
هذا يعني أننا لا نتحدث عن غير المصلين ، وإنما نخص المصلين بهذا
الحديث !!
فكم منا من ينتظر الأذان ليتخلص من عبء الصلاة عليه وليتحرر كما
يظن من هذا القيد الذي سيوقفه عن نشاطاته الأخرى كـ ( النت )
مثلا والمنتديات فيه . حتى لـ كأني أسمع ماكان يقوله الرسول صلى
الله عليه وسلم ( أرحنا بها يا بلال ) أي أرحنا بالصلاة ، وقد انقلبت
كلمة ( بها ) فأصبحت ( منها ) والعياذ بالله . ( لتكون أرحنا منها يا مؤذن )
لكي نعود الى ما توقفنا عنه للصلاة . وسبحان الله
كيف يظن الكثيرون وكأن الله بحاجة الى تلك الإنحناءات من ظهورهم
أو رؤوسهم ، وتلك الحركات التي يمارسها الجسد بلا وعي من القلب
ولا حضور !!
( يا أيها الناس أنتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد )
أو تراهم وقد استعجلوا بصلاتهم فأضاعوا حتى الحركات ، فلا انتصاب
الجسد مكتمل ولا الركوع وأما السجود فـ كـ نقر الغراب .
وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه : بينما النبي-صلى الله عليه وسلم-
جالس في المسجد إذ دخل رجل فسلم على النبي ثم قام فصلى
فلما انتهى من صلاته ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم
فرد عليه النبي فقاله له اذهب فصلي فإنك لم تصلي. فذهب فصلى
ثم عاد إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال له النبي اذهب فصلي
فإنك لم تصلي, ذهب فصلى و رجع فقال له النبي اذهب فصلي فإنك
لم تصلي فقال الرجل: و الذي بعثك بالحق لا أحسن غيرها فعلمني
فقال عليه الصلاة و السلام إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم أقرأ ما تيسر
معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما
ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم اجلس حتى تطمئن جالسا ثم
اسجد حتى تطمئن ساجدا و اجعل ذلك في صلاتك كله.
فإذا كانت الحركات خاطئة والقلب لاه عن ذكر الله ماذا بقي من الصلاة
وهل لنا بعد ذلك أن نكون من المصلين
الخشوع واستحضار القلب في الصلاة هو ديدن المؤمنين حتى يغيبوا
عن الدنيا وما فيها ليكون حالهم كله مع الله ،
وانظروا لحال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فعندما كان يؤم الناس
في صلاة الفجر وبينما هو يصلي يتقدم إليه المجرم أبو لؤلؤة
المجوسي فيطعنه عدة طعنات بسكين ذات حدين . أما الصحابة الذين
خلف عمر فسقط في أيديهم أمام هذا المنظر المؤلم .وأما من كان
خلف الصفوف في آخر المسجد فلم يدروا ما الخبر .. فما إن فقدوا
صوت عمر رفعوا أصواتهم : سبحان الله .. سبحان الله . ولكن
لا مجيب .يتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فيقدمه فيصلي
بالناس . يحمل الفاروق إلى بيته .. فيغشى عليه حتى يسفر الصبح
اجتمع الصحابة عند رأسه فأرادوا أن يفزعوه بشيء ليفيق من غشيته
نظروا فتذكروا أن قلب عمر معلق بالصلاة . فقال بعضهم : إنكم لن
تفزعوه بشيء مثل الصلاة إن كانت به حياة . فصاحوا عند رأسه :
الصلاة يا أمير المؤمنين ، الصلاة . فانتبه من غشيته وقال :
الصلاة والله .
ثم قال لا بن عباس: أصلى الناس . قال: نعم . قال عمر: لاحظ في
الإسلام لمن ترك الصلاة . ثم دعا بالماء فتوضأ و صلى وإن جرحه
لينزف دماً .
هذا حال الصحابة مع الصلاة ، كيف لا وقد كان صلى الله عليه وسلم
معلمهم يعاني سكرات الموت
فيقول : الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم .
وأخيرا وليس آخرا قول الله تعالى عن الصلاة
( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلاّ على الخاشعين ،
الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون )
أوصيكم وأوصي نفسي الخاطئة المذنبة أولا
بتقوى الله تعالى في ما أمر ، وإن الصلاة لـ هي عمود الدين
والعهد الذي بيننا وبين نبينا والصلة الواصلة بيننا وبين ربنا
فمن أضاعها ضيعه الله وإن تحرك جسده باتجاه القبلة وقلبه
لاهٍ عن ذكر الله .
أللهم احفظ لنا صلاتنا فما بقي لنا سواها
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين