الكرك راية.. لا ديمغرافيا!
.. والجنوب رؤية.. لا جغرافيا!
...
هذا ليس شعرا, بل خلاصة اجتماعية -سياسية تاريخية. فللجنوب الاردني وزن نوعي في ماضي البلاد -البعيد والقريب- وحاضرها.. ومستقبلها. وتمثيله السياسي, تاليا, لا يقاس بالارقام.. بل بالقيمة والمعنى والحضور السياسي والدور.. والامكانات.
هنا, صنع الادوميون والمؤابيون, لحظة الكيان الوطني الاولى. وهنا شقت السماء امجاد الملك ميشع. وهنا انطلق التجسيد الاكثر بهاء في تاريخ بلدنا لفكرة الاردن-الدولة الاقليمية في مملكة الانباط.. وهنا, قاتل المتحد الفلاحي-البدوي عن استقلاله الاهلي في مواجهة العابرين من ابراهيم باشا (ابن محمد علي) الى سامي باشا العثماني. ففي الكرك, بدأ القرن العشرون الاردني بانتفاضة العشائر على العثمانيين. ومرة اخرى, روت الدماء, الارض, وازهرت معاني الفداء من اجل المجتمع وحريته. وفي الكرك ايضا, الّف الفكر السياسي المحلي الخّلاق, النسيج البديع للاندماج الاهلي الذي يستوعب, بعبقرية, الانقسام الديني, ويمنح للزمان والمكان, الهوية المشتركة.
حضور الجنوب في التكوين الاردني الحديث, هو حضور تأسيسي مركزي لا يدانى.. فقد منح الجنوب للدولة الاردنية, صلابتها التكوينية واغلى رجالها.....
.......................................
نالت الكرك شرف تحرير بيت المقدس من الصليبيين، كما ورد في الكتب التاريخية وأبرزها ما ذكره د. غوانمة في كتابه «إمارة الكرك الأيوبية» ص45. ورد اسم الكرك في التوراة تحت اسم «قيرحارسة» بما يعني الحصن او القلعة، وفي اللغة المؤابية تعني تلاً «يعلوه بناء» وبتعريف موجز «القلعة المحصنة وهناك من يطلق عليها «خشم العقاب». - في عهد المماليك كانت قلعتها «باستيل المماليك» ومن يقع عليه غضب السلطان كان مصيره الى جب قلعة الكرك، وكما ورد في كتاب «مملكة الكرك في العهد المملوكي» للدكتور عدنان البخيت، أخذت اسما آخر هو «سجن المغضوب عليهم»، وفي العهد العثماني، كانت ملاذا للهاربين والمعارضين وحتى العصاة للدولة العثمانية، وكان المؤرخون يعتبرونها (باروميتر) للاستقرار السياسي بسبب موقعها، وعرف أهلها على امتداد التاريخ بالوفاء للوطن. يحدها من الشرق الصحراء بكل مؤثراتها، ومن الغرب جارها العزيز البحر الميت وهو البحر الوحيد الميت في العالم، ومن الشمال واد الموجب بطبيعته الوعرة، وانحداره السحيق، حيث وجد (حجر مؤاب) الذي دون جزءا من تاريخ المنطقة، ومن الجنوب واد الحسا بكل تضاريسه المدهشة.
فلنرفع القبعات للكرك احتراما