[/SIZE] [SIZE=2]قدامى المتقاعدين إذا كان أحد أهم أهداف مشروع الهيكلة الأخير تحقيق الإنصاف ورفع مستوى رواتب وتقاعد أبناء القطاع العام، فإن جزءا مهما جدا من الإنصاف يجب أن يوجه إلى قدامى المتقاعدين المدنيين والعسكريين الذين ماتزال رواتبهم تعاني من الضعف، وتعجز عن تقديم متطلبات الحياة الكريمة لفئات كريمة من الأردنيين الذين قدموا وخدموا وساهموا في بناء الدولة في كافة المجالات.
الجهات الرسمية في وزارة المالية وديوان الخدمة وغيرها من الجهات المعنية تعلم أن هناك بعض الفئات من المتقاعدين العسكريين والمدنيين أصبحت رواتبهم تعاني من فجوة عن رفاقهم وزملائهم، وجزء من هذا التفاوت يعود إلى عوامل إيجابية من تعديلات وهيكلة تمت في مراحل سابقة استفادت منها فئات لكن بعض الفئات من قدامى المتقاعدين لم تستفد مما تم، لأسباب تتعلق بالتواريخ المعتمدة للتنفيذ، وبالتالي حدثت الفجوة التي تحتاج إلى وقفة إنصاف من الجهات المعنية، بما يتكامل مع الأهداف الحقيقية لمشروع الهيكلة، وأيضا ما سبق من عمليات هيكلة أو تعديلات تمت في مراحل سابقة.
رئيس الوزراء، وخلال المؤتمر الصحافي الذي أعلنت فيه الحكومة عن مشروع الهيكلة، تحدث بإيجابية عن المتقاعدين العسكريين القدامى وحقهم في الإنصاف وشرعية مطلبهم بتعديل رواتبهم. وكما كان مشروع الهيكلة، فإن عملية هيكلة رواتب قدامى المتقاعدين المدنيين والعسكريين ليس بالضرورة أن تتم بشكل فوري ومرة واحدة، لكن وضع هذا المشروع وإعلانه للناس، ووضع جدول زمني ومالي لتنفيذه وفق الإمكانات المالية، أمر يبعث الرضى في قطاعات المتقاعدين القدامى المدنيين والعسكريين، لأننا لا نريد أن يكون تطبيق مشروع الهيكلة هذا العام بابا لصناعة حالة تفاوت بين من شمله المشروع وبين موظف تقاعد قبل التطبيق بأشهر أو عام.
ندرك المشكلة المالية التي تعانيها الدولة، لكن مادامت الحكومة قد فتحت الباب من خلال مشروع الهيكلة، فإن إجراء دراسة لشمول قدامى المتقاعدين المدنيين والعسكريين بما يحقق الإنصاف وإزالة التشوهات في أي جزء من أجزاء رواتب المتقاعدين، قديمهم وجديدهم، كل هذا سيعزز الأهداف الكبرى التي كانت وراء مشروع الهيكلة.
أنا على ثقة أن أصحاب القرار يدركون واقع قدامى المتقاعدين، والقضية لا ينقصها التعاطف، إنما العائق هو الإمكانات المالية. لكن إذا كان التنفيذ تدريجيا أو واقعيا، فإن المشكلة المالية يمكن إيجاد بعض الحلول لها، مثلما سيتم العمل مع مشروع الهيكلة الذي سيبدأ تطبيقه العام المقبل، لأن لغة الإنصاف يجب أن تكون عامة وأن تعمل الحكومة والجهات المعنية على إغلاق كل المنافذ وإنصاف من يستحق. ما دمنا نتحدث عن الإصلاح الإداري، فإن الضرورة تجبرنا على أن نمتلك نظرة شمولية، لأن مثل هذه المشاريع الكبرى لا يمكن أن تقوم بها الدولة كل يوم. فليكن الإصلاح كفيلا بإنصاف من يستحقون الإنصاف، ولنغلق بابا يستحق أهله كل تقدير وإنصاف.
أولى خطوات الإصلاح الإداري النظرة الشمولية، فالأمر ليس ملفا بل جزء من معادلة علاقة القطاع العام مع منتسبيه من العاملين والمتقاعدين. والمطلوب رفع مكانة الوظيفة العامة، وأيضا أن يكون المتقاعد مالكا لفرصة الحياة الكريمة في مرحلة لها التزامات وتبعات.