بـسـم الله الـرحـمــن الـرحـيـم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
مـن أعَـز وأشـرف أنـواع الـمـعـرفـة ، مـعـرفـة الله سـبـحـانـه وتـعـالـى بـالـجَـمَـال
وهـي مـعـرفـة اخـتـص الله بـهـا خـواصـه مـن الـخـلـق ، وكـلـهـم عـرفـهـا بـصـفـة مـن صـفـاتـه
وأتـمَّـهـم مـن عـرفـه بـكـمـالـه وجـلالـه وجـمـالـه
لـيـس كـمـثـلـه شـيء فـي سـائـر صـفـاتـه ، تـبـارك الله سـبـحـانـه وتـعـالـى عـلـوا كـبـيـرا
ولـو افـتـرضـنـا الـخـلـق كـلـهـم عـلـى أجـمـلـهـم وأكـمـلـهـم صـورة ، وكـلـهـم عـلـى تـلـك الـصـورة
ونـسـبـت جـمـالـهـم الـظـاهـر ، والـبـاطـن إلـى جـمـال الله سـبـحـانـه
لـكـان أقـل مـن نـسـبـة سـراج ضـعـيـف جـدا إلـى قـرص الـشـمـس فـي وضـح الـنـهـار
ويـكـفـي مـن جـمـال الله أنـه لـو كـشـف الـحـجـاب عـن وجـهـه لأحـرقـت سُـبُـحـاتـه مـا انـتـهـى إلـيـه بـصـره مـن خـلـقـه
ويـكـفـي مـن جـمـال الله أن كـل جَـمَـال ظـاهـر وبـاطـن فـي الـدنـيـا والآخـرة هـو مـن آثـار صـنـعـتـه
فـمـا ظـنـك بـمـن صـدر مـنـه هـذا الـجـمـال
ويـكـفـي مـن جـمـالـه فـي جـمـالـه أنـه لـه الـعِـزة جـمـيـعـا والـقـوة جـمـيـعـا ، والـجـود كـلـه والإحـسـان كـلـه
والـعِـلـم كـلـه ، والـفـضـل كـلـه ولـنـوروجـهـه أشـرقـت الـظـلـمـات
كـمـا قـال الـنـبـي صلى الله عـلـيـه وسـلتم فـي دعـاء الـطـائـف
{ أعـوذ بـنـور وجـهـك الـذي أشـرقـت لـه الـظـلـمـات ، وصـلـح عـلـيـه أمـر الـدنـيـا والآخـرة }
***
قـال عـبـد الله بـن مـسـعـود رضي الله عـنـه
لـيـس عـنـد ربـكـم لـيـل ولا نـهـار ، نـور الـسـمـاوات والأرض مـن نـور وجـهـه
فـهـو سـبـحـانـه نـور الـسـمـاوات والأرض
ويـوم الـقـيـامـة إذا جـاء لـفـصـل الـقـضـاء تُـشـرق الأرض بـنـوره سـبـحـانـه
وجـمـالـه سـبـحـانـه عـلـى أربـع مـراتـب
جـمـال الـذات ، وجـمـال الـصـفـات ، وجـمـال الأفـعـال ، وجـمـال الأسـمـاء
فـأسـمـاؤه كـلـهـا حـسـنـى ، وصـفـاتـه كـلـهـا صـفـات كـمـال ، وأفـعـالـه كـلـهـا حـكـمـة ومـصـلـحـة وعـدل ورحـمـة
وأمـا جـمـال الـذات ومـاهـو عـلـيـه ، فـأمـر لا يـدركـه سـواه ولـيـس عـنـد الـمـخـلـوقـيـن إلا تـعـريـفـات تـعَـرَّفَ بـهـا
إلـى مـن أكـرمـه مـن عـبـاده ، فـإن ذلـك الـجـمـال مـصـون ومـحـجـوب بـسـتـر الـرداء والإزار
كـمـا قـال رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم ، فـيـمـا يُـحـكـى عـنـه
{ الـكـبـريـاء ردائـي والـعـظـمـة إزاري }
ولـمـا كـانـت الـكـبـريـاء أعـظـم وأوسـع كـانـت أحـق بـإسـم الـرداء
فـإنـه سـبـحـانـه الـكـبـيـر الـمـتـعـال ، فـهـو سـبـحـانـه الـعـلـي الـعـظـيـم
قـال ابـن عـبـاس رضي الله عـنـهـمـا
حَـجَـبَ الـذات بـالـصـفـات ، وحَـجَـبَ الـصـفـات بـالأفـعـال
فـمـا ظـنـك بـجـمـال حُـجِـبَ بـأوصـاف الـكـمـال ، وسُـتِـرَ بـنـعـوت الـعـظـمـة والـجـلال
ومـن هـذا الـمـعـنـى ، يُـفـهـم بـعـض مـعـانـي جـمـال ذاتـه
فـإن الـعـبـد يـتـرقـى مـن مـعـرفـة الأفـعـال إلـى مـعـرفـة الـصـفـات ، ومـن مـعـرفـة الـصـفـات إلـى مـعـرفـة الـذات
فـإذا شـاهـد شـيـئـا مـن جـمـال الأفـعـال اسـتـدل بـه عـلـى جـمـال الـصـفـات ، ثـم اسـتـدل بـجـمـال الـصـفـات عـلـى جـمـال الـذات
سـبـحـانـكـ يـا خـالـق الـنـور وأشـرقـت لـنـور وجـهـكـ الـظـلـمـات
والـحـمـد لله رب الـعـالـمـيـن
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين..
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين..